عماد عياصره
تتصدر المملكة العربية السعودية المشهد السياسي والعسكري في الشرق الأوسط، من خلال الضربات الجوية الأخيرة في اليمن. وصحيح أن المنطقة تحتضن عدة صراعات دامية في كل من فلسطين، العراق، سورية وليبيا. لكن الصراع في اليمن يأخذ طابعاً خاصاً كون السعودية باتت طرفاً فيه.
مما لا شك فيه أن الرياض تمثل المحور المركزي للمشروع العربي الجديد، والذي يحيط فيه توترات اسلامية واضحة المعالم ومخاطر أكيدة على سوق النفط والاقتصاد العربي. لكن يبقى السؤال المهم: هل هناك مشروع جديد فعلاً؟
في الحسابات السياسية نجحت الرياض بالضغط على مصر لدخول الحلف الكبير الذي يشمل قطر وإلى حد ما تركيا أيضاً وهما الداعمتين الأساسيتين للإخوان المسلمين في المنطقة. ولكن كيف حدث ذلك؟ وما الذي سيجعل تركيا طرفاً فاعلاً في الحلف؟
بعد التطورات الأخيرة في الملف النووي الإيراني، وقرب توصل الغرب إلى اتفاق مع إيران، بات لزاماً على السعودية تشكيل تحالف سني في مواجهة المد الشيعي الذي مركزه ايران. ولا يوجد دول سنية قادرة عسكرياً على تقوية الحلف بما يكفي غير مصر وتركيا، وهما على خلاف واضح. ولذا فمن المرجح أن تواجه مصر مزيداً من الضغوط لقبول جماعة الاخوان المسلمين، كشرط اساسي لتركيا لدخول الحلف بجدية. أو يتم الاعتماد الكلي على مصر، وهذا سيجعل موازين القوى تختلف داخل الحلف.
صحيح أن عودة الرئيس هادي إلى صنعاء تعتبر شرطاً أساسياً لإنهاء الضربات، لكن الهدف الأسمى في هذه المرحلة القضاء على الحوثيين أو اضعافهم بشكل كبير، كي لا يشكلوا أي تهديد مستقبلي للسعودية بصفتهم من الشيعة الزيدية. ومكمن الخطر أن لا يتحقق هذا الهدف من الضربات الجوية، وبالتالي تثار حفيظة الحوثيين أكثر ويزداد عدائهم للسعودية، وهنا تبدو دول التحالف قد وصلت إلى نقطة اللاعودة التي تستوجب انهاء الحوثيين ولو بالحرب البرية التي يصعب الآن التنبؤ بمجرياتها وعواقبها خصوصاً أن التجربة المصرية القديمة كلفت زهاء 26000 قتيل من الجنود المصريين في الحرب الأهلية اليمنية في ستينات القرن الماضي.
ومما يثير التساؤلات هو غياب الموقف العماني، الجارة الكبيرة لليمن، فهي لا تشارك بالتحالف، وقد عمدت إلى تسيير عشرات الرحلات الجوية الأسبوعية بين ايران وصنعاء الواقعة تحت سيطرة الحوثيين. علاوة على ذلك، إلى أي مدى تنظر إيران إلى الحوثيين (وهم زيديون عرب والأقرب إلى السنة من كل طوائف الشيعة) كحليف استراتيجي ونقطة جاذبة لها في اليمن؟ هل هم معنيون بالحوثيين حقاً أم يلعبون على التوترات العربية؟
أصبح في المنطقة الآن أربعة مشاريع؛ الإيراني والتركي والاسرائيلي والعربي. ولا تبدو الصورة واضحة تماماً حول مدى فعالية المشروع العربي الجديد من عدة جوانب، لذلك يبقى السؤال: ها اختمر هذا المشروع؟ أم أنه ما زال في مرحلة الصراع على الزعامة وترتيب الأولويات.