أيمن هشام عزريل
برزت الحوثية في الثمانينات من القرن العشرين، على شكل تيار ثقافي ديني يطرح أفكار ومناهج المذهب الزيدي، باعتباره أحد المذاهب الدينية الرئيسية في اليمن، والذي يتمركز بشكل خاص في صعدة، ولكن هذا التيار سرعان ما بدأ ينهج اتجاها سياسيا فكريا متخذا من المدينة، مركزا لنشاطه الفكري والسياسي، وارتبط تحوله عند تشكيل «اتحاد الشباب» عام 1986، الذي سعى التيار الحوثي من خلاله إلى تأطير نشاطاته التنظيمية بإطار يغلب عليها العمل التثقيفي، وبالذات بين أوساط المذهب الزيدي.
لقد أضحت الحركة الحوثية، منذ ذلك الوقت، حركة سياسية، فكرية، عسكرية، أطلقت شعارات جديدة تختلف عما كانت ترفعها في بداية الثمانينات، تمحورت حول معاداة الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، وأقرنتها بشعارات أخرى معادية للحكومة اليمنية، متخذة من تردي الأحوال الاقتصادية، والاجتماعية ذريعة تسند نشاطها، وعززت هذا السلوك بممارسة الفعاليات العسكرية ضد المصالح الحكومية.
وأفرز تمرد الحركة الحوثية منذ عام 2004، وبدء الصراع المسلح ضد الحكومة، والمجتمع اليمني، ومصالحه الاقتصادية، وتركيبته الاجتماعية لغاية 2010، والذي امتد ست مراحل، نتائج خطيرة على الأمن، والاستقرار، والرخاء اليمني، حيث أدى التمرد الحوثي إلى تدويل القضية ما سمح بذلك للأطراف الدولية والإقليمية بالتدخل في شؤون اليمن كل حسب منهجه وأهدافه، فأضعف الوحدة اليمنية القائمة وهيأت البيئة المناسبة لجميع القوى المعادية للوحدة والنظام بالترعرع والنشاط، بالإضافة للخسائر التي حصلت في المجالات الاقتصادية، والاجتماعية، والبشرية.
بالرغم من ذلك، فقد سعت الحكومة اليمنية إلى احتواء الأزمة بالطرق السلمية، سواء عن طريق الوساطات الداخلية، أو الوساطات الخارجية، من أجل تحقيق المصالحة وحل المشكلة، مدعومة بإجراءات الحكومة اليمنية لتسهيل الحل السلمي.
وتواجه الحكومة اليمنية عددا كبيرا من التحديات، التي تشكل تهديدا جديا، للاستقرار الداخلي في اليمن، لاسيما بعد التحولات السياسية التي شهدتها اليمن أسوة بباقي الدول العربية التي شهدت ثورات، وانتفاضات، فالعوامل الاقتصادية في اليمن تعد من أبرز الأسباب والدوافع التي تقف وراء ذلك، إذ يعاني اليمنيون نقصا في البنية التحتية، وسوءا في الخدمات المقدمة.
ويمكن القول بأن الصراع الذي كان دائرا بين الحكومة والحوثيين، مثل تحديا كبيرا للاستقرار الداخلي في اليمن، وساهمت سياسات النظام السابق بشكل كبير في تأجيج ذلك الصراع الذي امتد لأكثر من ستة أعوام، حتى جاءت حكومة الوفاق الوطني برئاسة عبد ربه منصور هادي، ولم تعالج الأسباب التي دفعت إلى قيام صراع، ومواجهات مسلحة بين الحوثيين ونظام الرئيس السابق.
إن التمرد الحوثي، الذي امتد ليمس جوهر الوحدة اليمنية، بتشجيع حركات الانفصال، والمنظمات الإرهابية، حيث شغل تمرد الحوثيين الحكومة عن ممارسة دورها في حماية المجتمع من الإرهاب، وذلك بعد أن وجهت الدولة طاقاتها باتجاه التخلص من تمرد الشمال في صعدة، وارتبط هذا التمرد بسلب فرصة التنمية من الشعب اليمني، من خلال تحويل جهدها المعنوي، والمادي، الذي كان موجها نحو البناء والتنمية.
يتضح أن تيار الحوثية الذي ظهر على شكل تجمع يضم الشخصيات الزيدية الدينية التي تمحورت حول إحداث خلخلة في بناء المجتمع اليمني، معتمدة على قوة طائفية حزبية، هدفه تنفيذ الدور الموكل لها بنشر الأفكار المنبثقة من الرؤية الإيرانية للدين والمذهب، وفي النهاية تحقيق مخططها بإعادة نظام حكم الإمامة الذي أسقطته ثورة 1962..
/نقلا عن عكاظ/