من منا لم يقدم له محمد القعود خدمة بنشر قصيدته الأولى، أو قصته القصيرة الأولى؟ من منا لم يحتفل به "ملحق الثورة" الذي أشرف عليه القعود، يوم أن كانت "الثورة" لسان حال سبتمبر المجيد، قبل أن تصبح مكاناً للطميات الحوثيين وخزعبلاتهم؟
من منا لم يطالع أحلامه على صفحات "الملحق" الذي أوصل الصوت اليمني الشاب إلى أرجاء البلاد العربية؟
نحن شعراء التسعينيات مدينون لهذا القعود الرائع بنشر خلجات قلوبنا، وهسهسات الأرواح.
واليوم، وفي الزمن الحوثي، في صنعاء، يصل الأمر بمحمد القعود أن يعرض مكتبته للبيع، ليطعم صغاره!
يبيع محمد القعود مكتبته، في الزمن الحوثي الذي يوزع مفاتيح الجنة للمغفلين للذهاب إلى الجبهات، ويوزع للمشرفين مفاتيح الفلل الجديدة التي عمروها أو اشتروها في صنعاء!
عرفت القعود منذ تسعينيات القرن الماضي عفاً كريماً نظيفاً، متحملاً مسؤولياته عن جدارة وجسارة. عرفته حريصاً على الشعراء والأدباء الذين يكتبون عنده، بصرف مستحقاتهم أولاً بأول، دون مماطلة.
القعود أبو المساكين من المبدعين.
واليوم يعرض هذا الأديب الكبير مكتبته للبيع!
لا سامح الله الساسة، لا سامح الله السياسة، لا سامح الله الذين سمحوا لهذا البلاء باجتياح صنعاء، والتنكيل بأهلها: بأدبائها، شعرائها، قصاصها، فنانيها، أكاديمييها، وكل شعبها الرائع الجميل.
أخي الدكتور أحمد بن دغر: محمد القعود قدم أجيالاً من المبرزين الذين حملوا اسم اليمن في منتديات ومهرجانات ومحافل أدبية حول العالم.
محمد القعود ليس رئيس اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين-فرع صنعاء، وحسب، لكنه نص باذخ، وحرف جميل، محمد القعود يمنٌ كبير يمتد من عدن إلى صنعاء، من الألف إلى الياء.
من المعيب أن يبيع مكتبته ليطعم أطفاله!