عادل الأحمدي
منذ سقوط صنعاء بيد مسلحي الحوثي في 21 سبتمبر/أيلول الماضي تصاعدت، بشكل لافت، نزعات الانفصال في المحافظات الجنوبية، واستطاع الحراك حشد جماهير غفيرة في تظاهرة الأحد التي أقيمت احتفاء بالذكرى 47 للاستقلال والمطالبة برفض احتلال الشمال.
وكان الوعي العام الجمعي في اليمن قد حرص على تنصيب رئيس جنوبي (عبدربه منصور هادي)، خلفاً لعلي عبدالله صالح الشمالي الذي انفرد بالحكم لعقدين من عمر دولة الوحدة، وقام هادي بخطوات جريئة تقبّلها الرأي العام في الشمال بلا غضاضة، تتمثل في ترسيخ جنوبيين في مفاصل الدولة الحساسة، مدنية كانت أو عسكرية، ثم سعى عبر مؤتمر الحوار (مارس/آذار 2013 - يناير/كانون الثاني 2014)، إلى تشريع المناصفة في الوظائف العليا بين الشمال والجنوب، وأعطاء الجنوبيين أولوية في التوظيف رغم أن الشمال يمثل أربعة أخماس السكان.
كما سعى إلى هدم الصيغة الاندماجية الحالية للدولة، واستبدالها بصيغة اتحادية تخفف عن الجنوب وطأة الغلبة العددية التي يتمتع بها الشمال، لكن هذه الخطوات لم تؤدِ لتراجع النزعات المطالبة بانفصال الجنوب واستعادة دولته السابقة، ولا يزال خطاب الحراك مصرّاً على "إنهاء الاحتلال الشمالي" رغم أن الشمال لم يعد له من الأمر سوى العاصمة.
ولأن سيطرة الجنوبيين على مفاصل الحكم تسير بخطى حثيثة، فإنّ حجة المطالبة بإنهاء "الاحتلال الشمالي" تفقد بريقها وصدقيتها، لهذا قدّم الحوثيون بتوسعهم المسلح على الأرض، في صنعاء ومدن شمالية أخرى، مبرراً أكثر وجاهة للحراك الجنوبي لمواصلة الدعوة إلى فصل الجنوب بمبرر أن الشمال صار في قبضة ميليشيا طائفية. كل هذه المعطيات باتت تضع وحدوية جماعة الحوثي أمام اختبار حقيقي، فإن كان الحوثيون حريصين، كما يزعمون، على وحدة البلاد، فلينهوا تواجد لجانهم المسلحة في العاصمة ومدن الشمال، لما يمثله ذلك التواجد من وقود لمشاعر الانفصال.
أمام الحوثيين فرصة تاريخية لتسجيل موقف وطني سيحسب لهم، وسيصبحون بعده أكثر قدرة على تحقيق طموحاتهم بأدوات السياسة، وهي خطوة حان وقتها بعدما ضمنوا لأنفسهم تواجداً قوياً كطرف رئيسي ورقم صعب تعترف به كل الأطراف