وسط اهتمام دولي لافت، انطلقت أمس، الجلسة الافتتاحية للمشاورات التي جمعت الأطراف اليمنية في مدينة استوكهولم السويدية، في خطوة جادة لوضع حد للحرب في البلاد، والتي عجزت الجولات السابقة من المفاوضات التي عقدت في كل من جنيف والكويت، خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة عن تحقيق اختراق يذكر فيها، ينقل اليمن إلى مرحلة التعافي من آثار الحرب التي تسبب فيها الانقلاب الذي نفذته جماعة الحوثي ضد السلطة الشرعية، في سبتمبر 2014.
انطلاق المفاوضات التي حصلت على دعم من دول التحالف العربي المؤيد لاستعادة الشرعية في اليمن، يؤكد أن حل الأزمة في المقام الأول سياسي، وقد كانت العمليات العسكرية التي اضطرت دول التحالف العربي لتنفيذها في الأراضي اليمنية بطلب من الشرعية المعترف بها دولياً، ضرورية لدفع الجماعة الانقلابية إلى انتهاج أسلوب الحوار؛ عوضاً عن تمسكها بالانقلاب وإصرارها على الرهان العسكري.
وقد حققت الخطوات التي اتخذها التحالف العربي، الهدف المطلوب منها، ودفعت الجماعة الانقلابية إلى الذهاب إلى طاولة المفاوضات، خاصة بعد أن خسرت الكثير من الأراضي التي كانت تقع تحت سيطرتها، وآخرها في الحديدة، التي وافقت على أن يكون ميناؤها تحت إشراف الأمم المتحدة، وهو ما كانت ترفضه في أوقات سابقة.
مجرد التئام المفاوضين في السويد، والإعلان عن اتفاق على الإفراج عن الأسرى والمعتقلين، يعد خطوة مهمة، لكن الأهم هو أن تنجح هذه الجولة في تحقيق ما لم تتمكن من تحقيقه المفاوضات السابقة، بعدما أجهض الحوثيون فرص الحل، عبر التمسك بمطالب اتضح للمجتمع الدولي أنها كانت تعجيزية، وكان الهدف منها التعطيل تحت وهم الشعور بالقوة، وأن هذه القوة قادرة على فرض رؤية الجماعة للحل السياسي، لكن النجاحات العسكرية التي حققتها الشرعية بدعم من التحالف العربي، بعثرت هذا الوهم وحولته إلى سراب.
الشهادة التي قدمها المبعوث الأممي مارتن جريفيث في افتتاح جلسة المشاورات، وشكر فيها دعم دول التحالف، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية لإنجاح مفاوضات السويد، تشير مجدداً إلى أن دول التحالف تقف دوماً مع حل سياسي يساعد على خروج اليمن من أزمته الراهنة ويُنهي مفاعيل الانقلاب.
وقد اتخذ التحالف كثيراً من الإجراءات لتأمين انطلاق المفاوضات، من خلال التسهيلات التي قدمها لنقل جرحى جماعة الحوثي للعلاج في مسقط، وتأمين طائرة تُقل وفدهم إلى السويد، وهو دليل إضافي على أن التحالف يدعم حلاً سياسياً مستداماً، بعيداً عن تأثير الأجندات الأجنبية، خاصة أن جماعة الحوثي رهنت موقفها للنظام الإيراني، الذي لم يقدم لليمنيين سوى مشروع الخراب والتدمير.
لذلك؛ فإن تجاوب الحوثيين مع الجهود الأممية والانخراط في المفاوضات السياسية، يعد السبيل الوحيد لإنجاز حل سياسي شامل، يؤسس لاستقرار شامل ليس في اليمن فحسب؛ بل في المنطقة بأسرها، والمفاوضات في السويد ستكون برهاناً على ذلك.