علي الفقيه

الرجل الجيد في التوقيت الخطأ..

علي الفقيه
الاربعاء ، ١٧ اكتوبر ٢٠١٨ الساعة ١٠:٠٠ صباحاً

معين عبدالملك الذي صدر قرار رئيس الجمهورية بتعيينه رئيساً للحكومة شخص جيد ولديه قدرات إدارية كان يمكنه أن يعمل شيئاً لو جاء في ظرف غير هذا.. إلا أن تغيير رئيس الحكومة والإبقاء على الحكومة بجسدها المهترئ، وبقاؤها أيضاً رهن الإبعاد القسري خارج الوطن لا يعني لليمنيين شيئاً وإن كان يعني الكثير للأطراف الخارجية التي دخلت في احتكاكات مع الرئيس هادي وكانت الإطاحة ببن دغر إحدى نتائجها.

إصرار الإمارات على تمكين أذرعها المسلحة في عدن والجنوب من السيطرة على الأرض والمؤسسات الإيرادية وأيضاً إصرارها على منع تصدير النفط والتحكم بالموانئ والمطارات كفيل بإفشال أي حكومة حتى لو استوردناها من سنغافورة.

صعدت الإمارات عبر أذرعها المسلحة في عدن منذ مطلع الشهر الجاري وهدد المجلس الإنتقالي الموالي للإمارات بالسيطرة على المؤسسات تمهيداً لفرض الإنفصال كأمر واقع بقوة السلاح الذي قدمته الإمارات، إحدى دول التحالف العربي لدعم الشرعية، لتشكيلات عسكرية مناوئة للحكومة الشرعية.. وكان موقف بن دغر قوياً ورافضاً لهذه التحركات متسقاً بذلك مع موقف الرئيس هادي، كما كان قبله رافضاً للإنزال العسكري الإماراتي في جزيرة سقطرى وكما أصر على البقاء في عدن أثناء المواجهات العسكرية التي خاضتها التشكيلات المسلحة التابعة للإمارات خلال يناير الماضي ضد الوحدات العسكرية التابعة للحكومة الشرعية.

ليس هذا وحسب ولكن التقديرات تشير إلى أنه وبالإضافة إلى أن الإطاحة ببن دغر هو أحد استحقاقات التسوية فإنه يأتي أيضاً تمهيداً لترتيب وضع مجلس النواب خلال الفترة القليلة المقبلة فمع تصاعد الحاجة لوجوده كان الهاجس الدائم لدى الرئيس هادي أن عودة البرلمان قد لا تشكل أحد عوامل الإسناد لسلطته وأن الإجتماعات قد تخرج بنتائج غير مضمونة وبالتالي فأحد الحلول لتجنب هذه المخاوف هو عقد تسوية تفضي إلى انتخاب رئيس للمجلس ممن يثق بهم هادي وبالتأكيد لن يكون إلا جنوبياً.

.واختصاراً على القارئ فإن كل المؤشرات تقول إن محمد الشدادي الذي يشغل منصب نائب رئيس المجلس منذ حوالي عشر سنوات هو المرشح الأبرز لرئاسته، وبالتالي فإن تسليم موقع رئاسة الحكومة لشخص ينتمي للمحافظات الشمالية سيكون ملائماً حتى لا تؤول الرئاسات الثلاث للجنوب.

المفاجئ والمفزع في القرار المعلن هو إحالة رئيس الوزراء المقال أحمد عبيد بن غر للتحقيق وهو الأمر الذي لم يجد قبولاً حتي لدى من اختلفوا مع الرجل وانتقدوه طوال فترة بقائه في موقعه، ليس لأن التحقيق سيتم ولكن لأن في ذلك نسف لما قدمه الرجل ونسف لما تبقى من ثقة المسؤولين في الرئيس هادي الذي يمنحهم مكافأة نهاية خدمة على هذا النحو، وعلى الرغم من اختلافنا مع كثير من ممارسات بن دغر وإنفاقه الأموال بطريقة لا علاقة لها بالمؤسسية وعمل الحكومة إلا أن الرجل كان موقفه واضحاً وصريحاً من القضايا الوطنية الكبرى حيث يمكن القول إنه من أكثر المسؤولين والقادة إدراكاً لخطر الإمامة وموقفه القوي تجاه الوحدة وصراعه خلال الفترة الماضية الرافضة للإستلاب وتسليم البلد للأجندات الخارجية. إلاأن هذا الإجراء (الإحالة للتحقيق) على علاقة وثيقة بالصراع بين هادي وبن دغر على رئاسة حزب المؤتمر.

معين عبدالملك كادر نشيط وشاب وقادم من خارج منظومة الفساد القائمة، وبالإضافة إلى أن شباب ثورة فبراير يعتبرونه واحداً منهم، فإنه يحظى بقبول سعودي وخليجي ونسج علاقات جيدة خلال الفترة الماضية من خلال موقعه نائباً ثم وزيراً للأشغال في حكومة بن دغر، إلا أن ذلك كله لا يعتبر مؤهلاً للنجاح في لحظة بحاجة لترتيبات سياسية أكثر منها فنية لمسح الطريق أمام الحكومة التي تعجز عن بسط سيطرتها على الأرض لأسباب معقدة ومتشابكة.

البيئة المحيطة بعمل الحكومة والبنية المترهلة والمعتلة للحكومة وبقاء العلاقة بين الحكومة والتحالف على هذا النحو كلها عوامل لا تؤهل لتحقيق أي نجاح ودون حاجة لانتظار الوقت يمكننا القول إن معين عبدالملك هو الشخص الجيد في التوقيت الخطأ.

«المصدر أونلاين»