حتى الآن لم يتم تحديد تاريخ معين، كثيرون يرون -بما فيه التحالف والحكومة الشرعية- أن الحرب بدأت فعلياً يوم 21 سبتمبر/أيلول 2014 عندما اجتاح الحوثيون صنعاء، وآخرون -بما فيها وثائق الكونجرس الأمريكي- تقول إنه يوم 26 مارس/آذار2015 عندما أعلنت السعودية عن تحالف ضد الحوثيين دعماً لحكومة الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي التي تهدف لاستعادة سلطته.
لا يبدو أن الحرب بدأت في أيٍ من الحادثتين بل يمكن اعتبارهما مرحلتين تابعتين من مراحل الحرب التي بدأت في 9يوليو/تموز2014. هذا هو ما خلصت له دراسة ل معهد Lawfare حيث قدمت دراسة قانونية لبداية نشوء الحرب وفق القانون الدولي.
حسب معايير القانون الدولي للنزاع غير الدولي فإن يوليو/تموز2014 كانت بداية الحرب الأهلية في اليمن، بداية الانقلاب على الدولة عندما واجه الحوثيون قوات الجيش التي كان يقودها القائد حميد القشيبي.
عندما شعر الحوثيون أن لا أحد أمام قوتهم بتحركهم من صعدة إلى عمران -تقول الدراسة- تأكدوا ألا أحد قادر وقف انقلاب حركتهم البطيء.
أظهر الحوثيون أنهم جماعة مسلحة -وفق القانون الدولي- بمعايير "البناء التنظيمي-الهرمي، استخدام الأسلحة الثقيلة، كثافة القتال وزيادة الصدامات مع قوات حكومية منظمة".
في 9 يوليو/تموز أكد الحوثيون ذلك بإعلان سيطرتهم على مقر اللواء 310، وقوات الأمن الخاصة، وإدارة الأمن، وإدارة شرطة المرور في محافظة عمران، وكلها كانت المنشآت الأمنية للحكومة اليمنية، استشهد القشيبي في إعدام ممنهج.
اعتقد بعض المحللين -بحسن نيّة أو بدونها- أن ما حدث في عمران يمثل صراعاً بين الحوثيين والوحدات العسكرية المتحالفة مع علي محسن الأحمر وحزب الإصلاح، وليس بين الحوثيين والحكومة اليمنية، وبالتالي بدأت الحرب في الواقع في وقت لاحق.
ورداً على هذه الحجة، تقول الدراسة. فإن اللواء 310 لم يكن موالياً ل علي محسن بل كان يعمل كوحدة عسكرية تحت سلطة الحكومة المركزية. فحميد القشيبي قائد اللواء العسكري رغم تعهده بالقتال ضد الحوثيين حتى الموت إلا أنه أعطى أوامره قبل وفاته لرجاله بالانسحاب بناء على اتفاق وقف إطلاق النار بين الحكومة اليمنية والحوثيين. وبغض النظر عن صداقة القشيبي ب"محسن" إلا أنه كان يتبع التسلسل الرسمي للقيادة العسكرية وعندما قالت له الحكومة أن عليه وقف إطلاق النار قام بتنفيذ ذلك. بعكس علي عبدالله صالح الذي ظل متحكماً بوحدات الجيش خارج الحكومة.
يحقق ذلك أن الحوثيين واجهوا قوات الحكومة الشرعية، والتي تم انتخابها وتدير البلاد، وما يؤكد أن الحوثيين كثفوا القتال باستخدام الأسلحة الثقيلة والأثر الناتج على المدنيين، فإن الأمم المتحدة أكدت استخدام الحوثيين للمدفعية الثقيلة والدبابات واستخدمت الحكومة اليمنية الطيران الحربي وقصفت مواقع للحوثيين في تلك الفترة كما تم تهجير 35 ألف يمني من المدينة منذ بداية تصعيد الحوثيين بين مايو/أيار 2014 و9 يوليو/تموز.
أما ما يحقق المعيار الأخير من كون الحوثيين حركة منظمة فقد خاضوا حروبًا متعددة منذ عام 2004، واجتازت المجموعة بشكل واضح معايير الاختبار المكون من خمسة محاور لجماعة مسلحة ذات المستوى الأدنى المطلوب من التنظيم: وجود هيكل القيادة، العمليات الميدانية المنظمة، التخطيط اللوجستي، التدريب العسكري والانضباط، وهيكل متوحد يسمح للجماعة بالتفاوض و "التحدث بصوت واحد" ما يؤكد أن للحوثيين سلسلة قيادة كانوا يتبعونها ومازالوا.
تقع اليمن تحت الفصل السابع لمجلس الأمن والذي يلزم إحالة المتورطين في جرائم الإبادة الجماعية والمتسببين في "النزعة الانقسامية" والمحرضين على العنف؛ وكذلك الرافضين لمبدأ التعايش المجتمعي إلى محكمة الجنايات الدولية.
يتجاهل اليمنيون ذكرى سقوط عمران مع أن سقوطها والخذلان الذي حدث وقتها هو السبب الرئيس لما يحدث في اليمن اليوم، تأمرت دول في الخليج وفي المنطقة لإسقاطها، وبعد أربع سنوات تعود ذات "النغمة" و"المنطق" الذي برر سقوط عمران لتسليم المحافظات الجنوبية لمستعمر جديد، ولإبقاء المحافظات الشمالية بيد الحوثيين، هذه التبريرات المشؤومة ستؤول ضداً على الفاعلين كما حدث في عمران وبعدها.