قبل ساعات من اعلان القرار الجمهوري رقم (66) لسنة 2018م، كان القيادي نبيل شمسان، قد استقبل في مقر اقامته في القاهره مكالمة هاتفية من تحويلة الرئاسة بقصر المعاشيق بالعاصمة اليمنية المؤقتة عدن، فخامة الرئيس يعتذر لكم ويعدكم بتعيينكم في مكان آخر وموقع أفضل وأحسن.
شمسان كان قد تم طلبه قبل أيام للقاء بالرئيس هادي في الرياض لابلاغه بتوقيع فخامته على قرار تعيينه نائبا لرئيس الوزير وزيرا للخدمة المدنية خلفا لعبدالعزيز جباري الذي قدم استقالته من ذات المنصب قبل أشهر احتجاجا على الاختلالات في عمل الحكومة وفي علاقة الشرعية مع دول التحالف العربي بقيادة الرياض ومشاركة ابوظبي.
استأذن الرجل من فخامته بالسفر إلى القاهره بانتظار صدور القرار الذي قالوا له أنهم ينتظرون التوقيت المناسب وبعد تسوية وضع لمنافسين طامحين في ذات المنصب. كان الرجل قد بدأ ترتيب نفسه وماض في استعداده لهذه الوظيفة.
جباري كان ثاني رجل شمالي نائبا لرئيس وزراء جنوبي، ومنذ استقالته في 20 مارس 2018 تم تفكيك منصبه، كرسي الوزارة الهامة ظل شاغرا ليفسح المجال أمام نائب وزير جنوبي أدار الوزارة طوال تلك الفترة، ولم يتم تعيين نائب لرئيس الحكومة بدلا لجباري ليستمر الحال حتى صدور قرار هادي باعفاء عبدالملك المخلافي، الشمالي الثاني نائبا لرئيس الحكومة وتعيين خالد اليماني (جنوبي) خلفا له في حقيبة الخارجية، ولم يتم تعيين رجلين من الشمال خلفا لجباري (عدالة وبناء) والمخلافي (ناصري) ويكون أحمد الميسري، وهو مؤتمري جنوبي من أبين نائبا وحيدا لرئيس الحكومة ووزيرا للداخلية.
نبيل عبده شمسان، مواليد 1962، هو ابن وزارة الخدمة وتدرج فيها منذ سنوات طويلة، بدأت برئيس،قسم ومدير ادارة ومدير عام ثم وكيلا ثم نائب الوزير إلى أن تم تعيينه وزيرا لها في حكومة باسندوة 7 ديسمبر 2011 حتى نوفمبر 20114، كانت الحقيبة من حصة المؤتمر الشعبي، وكان للرجل مواقف شجاعة مع صالح وعائلته.
تعيين شمسان كان استحقاقا منطقيا، فالرجل من ذات الجغرافيا لخلفه جباري، ومن أبناء محافظة تعز التي تبلى حسنا في مواجهة الانقلاب الحوثي، فوق ذلك هو وزير سابق للخدمة ويمتلك خبرة ادارية وسمعته جيدة ويحظى بكثير من الاجماع.
وقع الاختيار في الوزارة إذا على نبيل الفقيه، مواليد صنعاء 1967م، وهو من ذات الجغرافيا والانتماء (عدالة وبناء) لخلفه جباري، وهو قيادي مؤتمري سابق، وشغل وزير للسياحة وقدم استقالته منها إبان مجزرة جمعة الكرامة بحق شباب الثورة 19مارس 2011. احتفظ العدالة والبناء بالحقيبة.
أمام الفقيه تحديات صعبة ليس أقلها سيول القرارات والتعيينات وسيولة التوظيف الجديد في مختلف القطاعات والمستويات، سيكون عليه الرضوخ للعبث أو الصدام.
أيا كانت حيثيات وخلفيات اختيار الفقيه، فرغبة بن دغر والميسري تتقاطع في عرقلة تعيين نائب جديد لرئيس الوزراء يمكن أن ينتزع بعض صلاحيات بن دغر ويتقاسم مع الميسري الادارة والقرار، هذه الرغبة تتماهي مع نشوة وشهوة مشتركة لإزاحة كل أبناء الجغرافيا الشمالية بدوافع الانتصار والانتقام.
تعيين نائب/ نواب لرئيس الحكومة من الشمال يبقى ضرورة منطقية لاعادة بعض التوازن في الهيكل الاداري للدولة التي أهم وأكثر مفاصلها صارت بيد جغرافيا واحدة.
يمضي الميسري في عمله من عدن كنائب وحيد لرئيس الحكومة بعد اخلاء الساحة من شركاء شماليين، بغياب رئيس الحكومة ورجالها يتصرف الرجل بصلاحيات فعلية وطقف مرفوع. عيونه وأطماعه على كرسي الرئيس، وقد تتهيأ له ظروف التسلل والوصول في هذا الوضع المختل.
حقيبة الداخلية فعجيبة أخر، لم يحدث من قبل، الوزير ونائبه واثنين من وكلاء الوزارة السيادية جميعهم من أبين، محافظة الرئيس!!
إلى جانب بن دغر ونائبه الميسري يدير حسين منصور، وهو جنوبي ايضا، العمل الاداري بمجلس الوزراء باعتباره أمين عام المجلس. منصور أزاح المدراء والموظفين الشماليين في ادارات وهياكل المجلس واستبدلهم بجنوبيين ومقربين وموالين. الرجل ايضا يقوم بعمل مدير مكتب رئيس الوزراء منذ استقالة الشمالي الدكتور عمر مجلي من المنصب بسبب المضايقات والاقصاء ومصادرة الصلاحيات والتدخل في المهام.