ربما اتفق الموقف الفكري فلسفيا وسياسيا على تحديد قضية الصراع الطائفي بين السنة والشيعة التي اجتاحت الوطن العربي في معاقل حساسة ومواقع تماس عديدة على ساحته، على أنها القضية الأولى على طاولة البحث لمركزية هذا الصراع الذي أفضى إلى كوارث متعددة كان من ضمنها تكريس هذا الصراع من خلال تسييس متعمد لاختراق الأمن والسلامة الوطنية وتكريس الاستبداد الداخلي لأقطار عديدة من الأمة أو داخل النسيج الاجتماعي للحياة الإنسانية والشراكة الوطنية لأبناء الطائفتين.
وهي كذلك محل استنزاف عميق أثر سلبا وكارثيا على حركة النهوض الفكري الإسلامي التي كانت في مسار تصاعدي كبير وحيوي وفعال لتقديم بديل حقيقي للإنقاذ الإسلامي كقاعدة فلسفية إسلامية تؤسس عليها قواعد الحكم الرشيد القائم على عدالة النظام الدستوري الإسلامي وإعلائه واحترامه لحرية وكرامة الفرد.
“لا تزال قضية الصراع والسجال الطائفي تدفع الأحداث المتعاقبة بتوتر متزايد تتبعه أحياناً تفجيرات فكرية وسياسية عنيفة تجتاح الوطن العربي تصل إلى مقدمات الحروب الأهلية كما جرى في العراق ولبنان”
ومن باب آخر مهم للغاية إنضاج صعود الفكرة الاسمية بعد النقد والتصحيح والمراجعة لتقديمها بديلا حضاريا لعهد التيه الإنساني الذي استهلك فكريا وثقافيا لمصلحة عجلة المادة الحديثة التقنية ومصنعيها، لا لعدالة البعد الإنساني ومساواته ولكن لتسخير الإنسان الآخر للثقافة الاستعمارية كمادة خام تعصر مع ثرواته المعدنية في سبيل أن تستنزف هذه الأوطان المضطهدة داخليا وخارجيا لتكون إكسير الحياة للعالم الشمالي وتحديدا قواه المهيمنة لأجل عقائده ومصالحه المستبيحة لأصل الإنسان وحريته الفطرية.
وعليه فإن ما جرى من تسخير للصراع الطائفي لمصلحة آلة الآخر جاء مضادا لحركة التقدم والوعي الإسلامي الشرطي لنهوض مشروع الإنقاذ الإسلامي, وكان هذا الاستنهاض يعتمد في جانب مهم منه على الثأر القديم باستدعاء تاريخ الانقسام الطائفي والذي غيب تحت حشد هائل من الركام العاطفي والتحريض هنا وهناك، مما منع العقل من إعادة قراءة بعض المفاصل التاريخية التي تعطي دلالة مهمة لفهم الأحداث والفكرة نحو قراءة للتاريخ حقيقية وإصلاحية للأزمة وليست تحريضية وإثارة للعواطف للانتقام من شركاء الجنوب الإسلامي العربي والعجمي تعزز المشترك بينهم وتعالج المختلف.
ولا تزال قضية الصراع والسجال الطائفي تدفع الأحداث المتعاقبة بتوتر متزايد تتبعه أحياناً تفجيرات فكرية وسياسية عنيفة تجتاح الوطن العربي تصل إلى مقدمات الحروب الأهلية كما جرى في العراق وبعض مناطق باكستان ولبنان, ويخشى أن تشتعل بصورة أكثر دموية وكارثية إذا جرت الحرب القادمة على أفغانستان بتوافق جديد بين الولايات المتحدة والجمهورية الإيرانية كما تدل عليه سياقات الحوار السياسي بين الطرفين, وتأجيج هذا الصراع يهيمن على حركة الثقافة السياسية في الخليج ويؤثر بوضوح على العلاقات الإنسانية التاريخية بين أبناء الطائفتين كما هو الحال في الشام واليمن.
وبكل تأكيد فإن التوظيف السياسي من الطرفين كانت له شراكة كبيرة في تأجيج هذه الأوضاع, والتي يشكل تفجيرها الكبير في إبراز مفهوم الطائفة المظلومة حين تركزت مداولات الدوائر السياسية في واشنطن قبيل الغزو الأميركي على هذه القضية كجزء من قرار الحرب، ثم اتبعت بقرارات المحاصة الطائفية التي تناغمت معها أوساط حزبية شيعية موالية لإيران وهكذا تطورت الأوضاع ووصلت إلى ما وصلت إليه.
لكن الحقيقة الأخرى أيضاً أنّ هذا الخلاف ليس وليدا لتلك الحرب ولكنه سابق لها وإن لم يأخذ مدارات صراع عنيفة منذ انهيار دولة الشاه إسماعيل الصفوي بعد اجتياح العثمانيين لسلطنته, أي أن الانحسار جاء بناء على حسم عسكري وليس بناء على توافق فكري للتواصل حول المشتركات أو التهدئة وعلاقة الطائفتين بناء على أصل القضية الخلافية بينهما.
بعث الأمل
ولذا فهذا المقال يحاول إعادة بعث مفهوم حقيقي وتاريخي لحركة التشيع العلوي يحمل في أصله مبادئ رئيسية للوحدة الاجتماعية والأممية ولكنه غيب لتعاقب التوظيف السياسي على طمسه لكونه لا يشكل مادة توظيف متطرفة ومغرقة في أيديولوجيتها العاطفية الثورية يسهل على الطرف السياسي توظيفها لمصلحته العليا وحشد العامة تحت صيحاتها.
والقضية أيضاً في المضمار السني تعيد تسمية الأشياء في التاريخ بواقعية وتأصيل خارج إطار التوظيف الموسمي للنظام الرسمي العربي الذي يستخدم هذه النظرية لحماية مصالحه ومصالح الطوائف الأميركية، وليس حدبا على مستقبل الاستقلال العربي بغض النظر عن تقاطع المصالح بين حركات وثقافة الممانعة العربية المستقلة مع مخاوف هذه الأنظمة أكان تقاطعا مشروعا أو مذموما في بعض الوسائل، وآمل أن يحقق هذا المقال مدخلا مفيدا للحوار حول هذه الحقيقة التاريخية عن التشيع العلوي ومدارها الوحدوي والتضامني والإنساني لإخراج الوطن العربي من مأزق الفتنة الطائفية.
ثورة للحق السياسي
“الذي يراجع مواقف أئمة السلف السياسية يجد مدى تضامن وقناعة أولئك الأئمة العظام بإدانة الانحراف السياسي وضرورة تصحيحه وإن اختلفوا حول شرعية الكفاح المسلح لأسباب عديدة ”
إنّ تاريخ تشكل التشيع العلوي العربي الأول (العلوي هنا لا يعني المصطلح المعبر عن الطائفة النصيرية) وكما يصطلح عليه أيضاً ثورة الطالبيين قائم على حقيقتين هما في أصولهما محل شبه إجماع من أهل السنة, الأولى أن الحكم قد نقض من حق الأمة بالشورى وأن الحسن بن علي (الخليفة الخامس الراشد عند أهل السُنة ويأتي بعده عمر بن عبد العزيز) أولى ممن ولي الخلافة من بعده وهو معاوية، وأن الإمام الحسين بن علي قتيل شهيد في سبيل الحق ارتُكب في حقه وفي حق الأمة جريمة تاريخية سوداء كانت ولا تزال في ضمير الأمة مجسدة في الخطيئة الكبرى ليزيد بن معاوية.
ومن عقيدة أهل السنة الذي تطفح بها كتب المتقدمين بأن صحبة معاوية المقرّة قطعا عند أهل السنة لا تنفي ولا تلغي عقيدتهم في جريمة وإسراف يزيد ظُلما وتقتيلا في معسكر الحسين وقادة وثوار مسيرة الإصلاح السياسي الإسلامي، وهم الذين حاولوا تصحيح المسار السياسي للأمة في مواجهة الاستبداد الأموي كعبد الله بن الزبير وغيره, وذلك حين تصدى أمراء يزيد لكل ثورة إصلاحية اضطرت لحمل السلاح لدوافع تصحيح مسار الحكم الرشيد للأمة وليس لنوازع حكم أو نعرات عصبية عاشتها الدولة الأموية, وأن الظلم والاستبداد كان له دور كبير في هذا المضمار من تحديد الفقه السني للمرحلة.
والذي يراجع مواقف أئمة السلف السياسية يجد مدى تضامن وقناعة أولئك الأئمة العظام بإدانة الانحراف السياسي وضرورة تصحيحه وإن اختلفوا حول شرعية الكفاح المسلح لأسباب عديدة وغالبيتهم دعمته، ولكنهم يجمعون على أن العدل هو السنة الراشدة التي تعبد الله الأمة بها.
العدالة ميزان الحكم الإسلامي الرشيد
ومن خلال هذا الفهم يتعزز علاقة العدل السياسي بالقضية ولذا حين ولي الخليفة السادس الراشد وهو عمر بن عبد العزيز الأموي اعتبر من أعظم سلاطين الدنيا والتاريخ الإنساني عدلاً بعد الأنبياء والخلفاء الراشدين وحين ولي الخلافة استقرت له الأمور وخضعت له الأمة راضية مطمئنة من أقصاها إلى أقصاها واحتوى ثورة الطالبيين فرضوا بحكمه وحاور الخوارج فنزلوا إلى هدنته وتركوا السلاح في عهده وهو أمين عدل للمسلمين ولغيرهم بإجماع المؤرخين.
وتلك هي القضية الثانية التي يشترك فيها أهل السنة مع ما يرفعه الطالبيون المشايعون لعلي وهي إقامة العهد الراشد وإن كان أهل السنة لا يرون أن ذلك حكراً على آل البيت وهنا فرقٌ أصلي, ولكنه يبارك تشريعياً حين يضمن تحقيق العدل والشورى وتوزيع الثروة بين المسلمين ويقوم بحق الأمة ويحفظ سيادتها وهذا ما تطفح به سير أئمة الإصلاح من التابعين وفي صدارتهم داعية المجتمع المدني الإسلامي الأول الحسن البصري.
وهذه الحجة التي يدفع بها الطالبيون الثورة لشيعة علي استثمرها الحكم العباسي استثمارا سيئا وهم من ذرية العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم قطعاً فناصروهم وشاركوهم عسكريا وتدثروا بشعارهم حتى تولوا الحكم ففعلوا بالأمويين الأفاعيل تقتيلا وتشريدا وإن كانت هناك مجالات وفترات وسير تألق فيها العباسيون وخاصة هارون الرشيد.
بدء الانحراف
هذا الاستثمار لرفع الدعوى بحكم الطالبين وآل البيت والهاشميين استمر عهدا طويلا ولا يزال، وترتب عليه قيام دول وأدوار بعضها تنسب للإرث الهاشمي و لم تُحسن في جُلها ولم تُقم العدل خلافاً لما فعل عمر بن عبد العزيز وهذا ينقض ما يعتقده البعض من غياب هذا الحكم الهاشمي طوال الأربعة عشر قرنا من تاريخ الأمة.
“طور الشاه إسماعيل مفهوم المظلومية والمجالس العاشورية كخطاب تحريضي يشمل جميع من هم تبع لفكر الصحابة لكي يضمن وقودا له في مواجهاته مع الدولة العثمانية والوطن العربي في ذلك التاريخ”
هذه المقدمة التاريخية لا بد منها لتبيان المفاهيم الأساسية لحركة التشيع العلوي والتي لم يكن منها أبداً الطعن في جيل الصحابة والجزم برِدَّتهم سوى نفر قليل منهم وقد نُقل مصدر التشريع الإسلامي كتابا وسنة عن طريقهم ولم تكن رؤية الطالبيين أيضا الحكم على التاريخ العربي للعهد الإسلامي الأول بأنه تاريخ قوم من مشركي قريش العرب أظهروا الإسلام لرسول الله ثم أبطنوا الكفر وبالتالي ينسحب على الصحابة ومن تبعهم وجوديا وتاريخيا, وإنما هذا الحكم المروع هو ما بلورته الدولة الصفوية عام 1514 للميلاد حين اختطف التشيع في عهد الشاه إسماعيل الصفوي الذي ألزم بسب الصحابة في المساجد وأثخن قي قتل عشرات الآلاف من المدنيين السُنّة عند دخوله بغداد بعد غزوها.
وطور الشاه إسماعيل مفهوم المظلومية والمجالس العاشورية كخطاب تحريضي يشمل جميع من هم تبع لفكر الصحابة لكي يضمن وقودا له في مواجهاته مع الدولة العثمانية والوطن العربي في ذلك التاريخ.
هذه العقائد مرّ عليها زمن طويل واجتاحتها عشرات الأباطيل ونُحل عليها أيضاً أقوال كثيرة لكل من ادَّعى المرجعية في الأزمان السابقة ولكنها لم تكن محل تبشير أو تنظير فكري سياسي أو تطبيق على أرض الواقع منذ سقوط الشاه إسماعيل أو حتى محل تداول وتدريس إلا في نطاق محدود.
خطيئة الثورة الإيرانية
غير أن المشكلة الكبرى التي صدعت خطاب الشراكة العميق مع التشيع العلوي الأول حين قامت الثورة الإيرانية عام 1979 بإعادة بعث هذه الفكرة المنحرفة وتصديرها ورتبت عليها مشروعا سياسيا إستراتيجيا لتحصين الثورة ودعمها وتوسيعها في المنطقة وهذه القضية بالذات حذر منها أحد أبرز مفكري الثورة الإسلامية الإيرانية وهو الأستاذ علي شريعتي حين حذر قادة الثورة من الانزلاق إلى هذا النوع من التشيع الطائفي.
وللمفارقة فالأستاذ شريعتي أيضا هو من المفكرين البارزين على الساحة الإسلامية الشيعية والسنية الذي اعتنى بخطاب إعلاء الفرد والحقوق السياسية والمدنية للإنسان باعتبارها رسالة متقدمة للفكر الإسلامي, ويقال إن الحركة الإصلاحية الثقافية الجديدة في إيران أعادت قراءة خطابه مؤخرا ونشرت مؤلفاته من جديد.
ولكن قضية هذا الانحراف في الثورة يطول شرحها لكن ما يهمني هنا أن أعود إلى صلب العنوان وهو أن هذا الفكر العلوي العربي في التشيع بقي ضعيفا يحاول أن يسجل حضوره بخطابه التوعوي ويُبرز جوانب التوحد والوعي الثقافي المشترك لدى الأمة لكنه لم يجد معينا.
فمن جانب الثورة الإيرانية فهي تقاوم دعوات المراجعة والتصحيح لأنها تؤثر على مصداقيتها وتسحب مبررات تأجيج الخطاب العاطفي المشحون الذي استثمرته ومشروع التوظيف والاستقطاب لأبناء الطائفة في المجتمع العربي وتستبدل هذا الخطاب بحملة علاقات عامة تغطي على مشروعها الاستراتيجي.
ومن جانب آخر وهو المهم هنا لم تجد تلك الأصوات والمراجعات والآراء حيِّزًا لدى الجانب العربي المسيطر على مؤسساته الثقافية من النظام الحاكم العربي الذي يهمه دائما قضية تسعير أو تهدئة الخطاب الطائفي بالقدر الذي يُثبّت فيه حكمه ومصالحه مع الأجنبي ولا يُفضل أن تستقر هذه القضايا كميثاق فكري وأخلاقي بين المسلمين.
ولذا حين صدر كتاب الأستاذ الموسوي رحمه الله “الشيعة والتصحيح” لم يُقابل أبدا بأنه يحمل آراء معتدلة تنبذ الغلو والتشدد وتتبرأ من سب الصحابة وغير ذلك من أباطيل, ولكنه قوبل بفتور وتشكيك بل إن أحد وزراء الشؤون الدينية في إحدى الدول العربية طالبه بإعلانه التخلي عن التشيع جملة وتفصيلا وكانت بعض هذه الدوائر تطارده ثم ووجه بحملة تشكيك حتى وفاته.
الاستقلال الغائب
إشكالية الوطن العربي في هذه القضية كبيرة لغياب القدرة الاستقلالية لدى الحركة الثقافية للتجاوب مع تلك المراجعات وضمان الاستماع وتبادل الرأي لأنها تخضع دائما إما لمصلحة صفقة سياسية بين هذه المؤسسة وطهران أو لنفوذ عربي لا يريد أن يجعل من أي ميدان قريب من سلطته ساحة حرة لتحصين وعي ثقافي معرفي وحدوي قد يؤثر على هيمنته المطلقة وصفقته مع النظام الدولي.
تلك الحقيقة المؤلمة هي التي تحجب عن تلمس الطريق للوحدة الحقيقية الذي لا تطرحه إمبراطوريات الصراع وقواها الثقافية، إنما تستبدل بلافتات تحمل شعار الوحدة وتحمي أهدافها الخاصة على الأرض بالتنسيق مع واشنطن أسوة بما حصل في العراق أو صراعا معها، لكن ذلك لا يُعفي حركة الثقافة العربية من التواصل المستقل عن كلا النفوذين للوصول إلى صور الوحدة الحقيقية التي تتحد مع الأمة في مفاهيم الإسلام الأصيل وتدعم عروبة العراق وتحرره والوحدة الإسلامية الكبرى بين العرب والعجم في خطاب القرآن المقدس فذلك هو الرباط الحقيقي.
“غياب الأمل والتفاهم يسبب فراغا مروعا لا تملأه إلا برامج التعصب والصراع والكراهية وفساد العيش الإنساني, والمستفيد هنا تجار الحروب وصناع الإمبراطوريات”
إن الدفع بهذه المبادئ إلى ساحة الخطاب العربي سوف يقلص من حجم الاحتقان والتعميم السوداوي الشامل بين السجال الحاد للطائفتين ويخلق أرضية حقيقية حين تبتعد كليا عن التوظيف السياسي الإقليمي أو الدولي, وبالتالي تستقطب كثيرا من الشخصيات والمؤسسات التي أعلنت مواقفها منفردة ولكن لا يوجد لها غطاء جمعي ثقافي عربي موحد ومستقل عن الهيمنة لهذا الطرف أو ذاك.
وحين يحضر الاستقلال يتعزز الخطاب ويتوحد التبشير من خلال تأسيس مشتركات العمل القائمة على الفهم الموضوعي وهي القضية الغائبة حاليا، إذ إن ما يجري هو استثمار دوري كما ذكرنا لأجل مصلحة نفوذ سياسي أو تهدئة تكتيكية، ولذلك تفشل خطابات الوحدة والحوار لأنها لا تتوجه إلى قاعدة التصحيح والبناء الفكري التاريخي ولا يحتاج حينها أن يضطر الإنسان أن يخفي ما يعتقده بقدر ما يعلن ويتعاطى مع ما يتمسك به.
ومع كل ما تقدم تبقى حقيقة يقينية كبرى أن زراعة الأمل والتفاهم مع الحد الأدنى دون التفريط في الأصول هو من أصول الوعي الشرعي والإنساني والضرورات العقلية، وهو كذلك حين يغيب يسبب فراغا مروعا لا تملأه إلا برامج التعصب والصراع والكراهية وفساد العيش الإنساني والمستفيد هنا تجار الحروب وصناع الإمبراطوريات.
فحري بنا أن نستفيق لهذه المهمة ولو تأخر الوقت قبل أن تضيع الحياة والأوطان سواء كانت عربية أو أعجمية, فالمشترك في أصل القضية وحقيقتها التاريخية أكبر من المختلف. لعلها رسالة نحتاج إلى فهمها أكثر من حرصنا على خطب أوباما.
المصدر : الجزيرة