عندما أقدمت نقابات أعضاء هيئة التدريس ومساعديهم في بعض الجامعات الحكومية في الأول من يناير على إعلان فعاليات الإضراب المتدرج، وفقا للدستور والقوانين والأنظمة النافذة المنظمة للحقوق والواجبات، وبعد صبر ومعاناة جميع منتسبيها لخمسة أشهر بدون مرتبات، -وها هو الشهر السادس تمر علينا أيامه ولياليه السلحفائية وقد قاربت على الانتهاء ولا يزال الراتب محتجز-؛ كانت النقابات واعية عند إتخاذ القرار وعواقبه: من سينتصر لحقه، ومن سيحايد، ومن سيبيع مواقفه بثمن بخس ومن سيبيع بلا ثمن وبلا دراهم معدودات، ولكن مقابل أن يرضى عنه من يديره، أو يُسيره.
اتخذت النقابات قراراها المشروع، وقد قيل فيها (ما قاله مالك في الخمر وزيادة..)، ومورس بحق أعضائها انتهاكات عدة؛ بدأت بالتهديدات والاعتداءات ووصلت للتهديد بالتصفية الجسدية ومحاولة الاغتيال، ومع ذلك استطاعت الصمود، بفضل وعي أعضاء هيئة التدريس ومساعديهم في جميع الجامعات التي أعلنت موقفها بكل شجاعة لانتزاع حقا من حقوقها. ولم تنحاز يوما؛ لا لـ "سلطة الشرعية"، ولا لـ "حكومة الإنقاذ"، بل انحازت لشرف المهنة، وللأمانة الملقاة على عاتقها.
ومؤخرا كلفت النقابات من يمثلها بالذهاب إلى عدن، لمتابعة المرتبات والتسريع بصرفها، وواجهت صعوبات كبيرة بسبب قوة العادة السلبية لدى متخذي القرار "فالطبع قد غلب التطبع"، ولم يفرق هؤلاء بين التسول والتوسل، والمطالبة بالحقوق!.
أيها الأخوة، عليكم جميعا أن تفهموا أننا أصحاب حق. ولا نتسول أو نستجدي مسؤول هنا أو هناك.. وسننتزع كافة حقوقنا بصبرنا وصمودنا، وحقنا في الراتب على وجه الخصوص.
وسننتصر للمهنة وشرفها، وللجامعات ورسالاتها السامية.
"والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون".
* أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر في جامعة صنعاء