صواريخ سكود، صوراريخ كاتيوشا ، صواريخ توشكا ، صواريخ غراد، صواريخ محلية الصنع من نوع بركان و صمود، ترسانة هائلة من السلاح والعتاد الحربي استولت عليها جماعة الحوثي حين صادرت كل مقدرات الدولة اليمنية وعززت كل ذلك بنهب احتياطيات البنك المركزي لتتشابه تماما مع حزب الله اللبناني في القدرات والأيديولوجيا العقائدية العنصرية المتطرفة، والتبعية الكاملة لإيران التي أصبحت تقود حلفا خطيرا إلى جانب روسيا والولايات المتحدة لإعادة صياغة المنطقة العربية ورسم حدود جيوسياسية ومذهبية جديدة.
هذا الواقع يفرض على الحوثيين عدم التخلي بسهولة عن سلاح مكنهم من السيطرة على الحكم وأعلى من شأنهم الإقليمي كطرف يحسب له حساب بعد أن وصلت الصواريخ حدود مكة المكرمة، ولذلك لا بد من مخرج يحفظ لهم المكاسب ويجعلهم جزءا من العملية السياسية التي ترعاها الرباعية الدولية وعلى رأسها موسكو وواشنطن والرياض وأبوظبي ويشرف عليها سفراء مجموعة الدول الثماني عشرة .
وهنا تبرز أهمية صناعة طرف ثالث محايد حسب رؤية جون كيري ، ونضع تحت كلمة محايد مائة ألف خط وبعد الكلمة مائة ألف علامة استفهام وتعجب ، هذه الطبخة التي تعد على نار هادئة يراها كيري الذي يرتبط بعلاقات قوية مع - الإيرانيين - ضرورية لحل الأزمة ، ولنفترض أن الرجل يغرق في النيات الحسنة ويهمه وقف نزيف الدماء وإحلال السلام في اليمن قبل مغادرته منصبه ، لكن اجتماع مسؤولين أمريكيين مع قائد عسكري محايد! وهو أحمد علي الأشول الذي تولى فيما سبق رئاسة هيئة أركان الجيش اليمني لكي يمثل القيادات والوحدات العسكرية المحايدة ! التي ستتسلم الأسلحة الثقيلة من طرفي الصراع ، هذا الاجتماع يشير منذ البداية إلى أن هناك مساعي غير بريئة لتثبيت حق الحوثيين في أن يكونوا رأس حربة في تهديد مستقبل السلام في بلدهم وفي الإقليم، لأن هذا القائد العسكري الذي وصل قبل أيام إلى سلطنة عمان وبدعوة منها أقل ما يقال عنه أنه غير نظيف اليد إضافة إلى أنه موالٍ للرئيس المخلوع وهو من عمل على تحييد قوات الجيش وسمح بإسقاط محافظة عمران بيد الحوثيين عام 2014 والتي مهدت الطريق بعد ذلك إلى سقوط العاصمة العربية الرابعة وما تبع ذلك من أحداث مأساوية يتجرع اليمنيون مراراتها كل يوم.
الحكومة الشرعية بقيادة الرئيس عبد ربه منصور هادي -والتي بدأت أطراف عربية تتململ من وجودها وشحة إنجازاتها- لاترى ما يراه كيري ومن يحاولون صنع الطرف الثالث لإبقاء الحوثيين قوة أساسية، بل ترى أنها الطرف الشرعي الذي يجب أن تسلم له الأسلحة الثقيلة بما فيها البالستية المخبأة في الأودية والجبال وذلك وفق قرار مجلس الأمن الدولي 2216 وبين هذه الرؤية وتلك تبقى الحرب الطاحنة تهلك كل شيء وتتسع دائرة الفقر والمعاناة ويبقى الأمل في السلام بعيدا ، صحيح أنه لا يمكن أن نعدم إيجاد حل يعيد للدولة اليمنية كرامتها المثلومة لكن الذي لم يتوفر حتى الآن وجود إرادة سياسية دولية جادة تتبنى آليات صارمة لإلزام أطراف الحرب بالحل والسلام .