افتتاحية الخليج الاماراتية
عندما انطلقت محادثات الكويت بين وفد الشرعية في اليمن ووفد صنعاء، لم يكن الغرض توقيع اتفاق يضع حداً للحرب اليمنية وإطلاق عملية سياسية شاملة في اليوم الأول للمحادثات. كان معروفاً أن هناك خلافات ووجهات نظر غير متطابقة حول وسائل وآليات الحل، ويتناول ذلك قضايا لها علاقة بشكل النظام والمشاركة السياسية وتسليم السلاح والجهة المخوّلة بذلك وإجراءات بناء الثقة ووقف إطلاق النار، وأيهما أولاً حكومة وحدة وطنية موسعة تشمل كل الأطراف اليمنية أو مباشرة الشرعية لمهامها من صنعاء.. أي هناك رزمة من القضايا الخلافية المطروحة التي يترتب بحثها على طاولة المفاوضات، وتحتاج إلى وقت وصبر ورجاحة رأي وحكمة.
مجمل هذه القضايا لا يمكن حلها بين ليلة وضحاها، وليس لدى أي طرف، لا المبعوث الأممي ولا الدولة المضيفة، ولا دول مجلس التعاون الراعية للمحادثات، عصا سحرية للحل.
لقد توجّهت الوفود إلى الكويت للتفاوض والتوصل إلى حل للأزمة اليمنية التي لم يعد من مصلحة أحد استمرارها وإبقاء النزف اليمني والتدمير العبثي على حاله. لقد ذهبت الوفود إلى الكويت لوضع حد للمأساة، بعدما أبدت استعداداً لتقديم تنازلات من أجل اليمن، وبعدما أيقن الجميع أن المضي في الحرب يعني سوق اليمن إلى الانتحار.. وإعطاء فرصة للجماعات الإرهابية كي تنتعش وتتمدد ويتعاظم خطرها بما يتجاوز اليمن.
لهذا ليس مسموحاً فشل المحادثات، خصوصاً أن المبعوث الدولي يؤكد أن هناك الكثير من القواسم المشتركة بين الوفدين يمكن البناء عليها للوصول إلى «الاتفاق التاريخي» المرتجى الذي بشرت به الكويت قبل أيام.
ومن مؤشرات عدم السماح بالفشل، هو هذا الجهد الخليجي في التواصل مع الوفدين والإصرار على تحقيق النجاح المأمول، وتذليل كل العقبات التي تواجه المتفاوضين.. لإنقاذ اليمن ووضع حد لمأساة طالت واستفحلت.
ما يوفر جرعة للتفاؤل أن الأطراف المنخرطة في المحادثات تبدي نوايا طيبة واستعداداً لطي صفحة الصراع، والتمسك بالحل السياسي وصولاً إلى التسوية المرتجاة التي تعيد الأمل لليمنيين بأن هناك بقايا حكمة متوفرة لدى القيادات اليمنية بتخطي مصاعب وعقبات يمكن أن تواجه أية مفاوضات.
لهذا، فالمحادثات يجب أن تتواصل طال الوقت أم قصر، والأطراف اليمنية محكومة بالتوصل إلى حل، وليس مسموحاً لها أن تعود خاوية الوفاض.. وتتواصل المذبحة على أرض اليمن.