مع استمرار استهداف الحوثيين في اليمن لسفن الشحن في البحر الأحمر، الممر المائي الحيوي في الشرق الأوسط، أظهرت صور التقطتها أقمار اصطناعية وقامت "أسوشيتد برس" بتحليلها، ما يبدو أنه "مهبط طائرات جديد" يجري تشييده عند مدخل هذا الممر البحري الحيوي.
ولم تصرح أية دولة علانية عن أعمال بناء تجري هذا الشهر في جزيرة عبد الكوري القاحلة في المحيط الهندي، بالقرب من مصب خليج عدن. لكن صورا تم التقاطها بواسطة أقمار اصطناعية لأسوشيتد برس، تظهر أن العمّال كتبوا عبارة "أنا أحب الإمارات العربية المتحدة" بجوار أكوام من التراب، قرب المدرج.
وأصبح هذا الممر المائي والبحر الأحمر الذي يؤدي إليه، ساحة معركة رئيسية بين الحوثيين الذين يهاجمون السفن التجارية بذريعة دعم الفلسطينيين في حرب غزة، والتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في المنطقة، لمواجهة تلك الهجمات.
ويأتي هذا البناء في الوقت الذي أثار فيه وجود قوات من دولة الإمارات في سلسلة جزر سقطرى (جزيرة عبد الكوري جزء منها)، والقوات الانفصالية التي تدعمها الإمارات في جنوب اليمن، اشتباكات في الماضي.
تعليق إماراتي وردا على أسئلة وكالة أسوشيتد برس، قالت الإمارات، الخميس، إن "أي وجود لدولة الإمارات في جزيرة سقطرى يستند إلى أسباب إنسانية، ويتم تنفيذه بالتعاون مع الحكومة اليمنية والسلطات المحلية".
وأضافت دون الخوض في تفاصيل: "إن دولة الإمارات تظل ثابتة في التزامها بكافة المساعي الدولية الرامية إلى تسهيل استئناف العملية السياسية اليمنية، وبالتالي تعزيز الأمن والاستقرار والرخاء الذي ينشده الشعب اليمني".
ولم ترد السفارة اليمنية في واشنطن والسعودية، التي تقود تحالفا يقاتل الحوثيين أيضا، على الأسئلة.
ويبلغ طول جزيرة عبد الكوري حوالي 35 كيلومترا، وعرضها في أوسع نقطة نحو 5 كيلومترات، وهي أقرب إلى القرن الأفريقي منها إلى اليمن، الذي يشهد حالة حرب منذ سنوات.
وعلى طول تلك النقطة الأوسع، يجري بناء مهبط للطائرات.
مواصفات المدرج وأظهرت صور الأقمار الاصطناعية من "بلانيت لابز" التي حللتها أسوشيتد برس، شاحنات ومركبات أخرى وهي تقوم بتسوية المدرج يوم 11 مارس، وتحول جزءا من المعالم الرملية إلى اللون البني الداكن.
وأظهرت صور "بلانيت لابز" للموقع التي تم التقاطها لأسوشيتد برس أيام الإثنين والثلاثاء والأربعاء، مركبات في مواقع مختلفة وأنشطة تجري هناك، منها رصف الموقع.
ويبلغ طول المدرج الممتد من الشمال إلى الجنوب حوالي 3 كيلومترات. ويمكن لمدرج بهذا الطول أن يستوعب طائرات هجوم ومراقبة ونقل، وحتى بعض أثقل القاذفات.
وأمكن رؤية أعمال البناء مبدئيا في المنطقة في يناير 2022، مع حفر مدرج أقصر، وفقا لصور بلانيت لابز. وظهرت أولى علامات بناء المدرج الأطول من الشمال إلى الجنوب في يوليو 2022، لكن العمل في الموقع توقف لاحقا.
ومنذ مارس من هذا العام، تزايد النشاط في جزيرة عبد الكوري، ومن بينها أعمال البناء في الطرف الشمالي من المدرج بالقرب من المياه، وتحرك مركبات ثقيلة في الموقع.
يبلغ طول المدرج الممتد من الشمال إلى الجنوب حوالي 3 كيلومترات ويتوافق هذا النشاط مع تقرير بثته، الأسبوع الماضي، قناة "سكاي نيوز عربية" المرتبطة بحكومة أبوظبي، نقل عن مسؤول دفاع أميركي لم تسمه، قوله إن أميركا "عززت دفاعاتها الصاروخية في جزيرة سقطرى" تحسبا لأي هجوم يشنه الحوثيون على القواعد الأميركية.
وسقطرى هي الجزيرة الرئيسية في سلسلة جزر بنفس الاسم، تبعد حوالي 130 كيلومترا عن عبد الكوري.
من جانبها، صرحت القيادة المركزية للجيش الأميركي لأسوشيتد برس، بأنها "لا تقوم بأي بناء في عبد الكوري، كما لا يوجد أي وجود عسكري أميركي في أي موقع آخر في اليمن".
وشنت القوات الخاصة الأميركية غارات في الماضي في اليمن، في حين استهدفت حملة ضربات طائرات مسيرة أميركية لمدة عقدين، فرع تنظيم القاعدة المحلي، وفق أسوشيتد برس.
كما لم تظهر صور الأقمار الاصطناعية أي بطاريات دفاع جوي يمكن تمييزها على جزيرة عبد الكوري. لكن تم ترتيب أكوام من التراب في الموقع لكتابة "أنا أحب الإمارات العربية المتحدة" شرق المدرج مباشرة.
وتعد جزيرة سقطرى واحدة من مواقع التراث العالمي لليونسكو، وموطن شجرة دماء التنين النادرة. وتمثل أيضا ميناء استراتيجيا منذ فترة طويلة، نظرا لموقعها على طريق تجاري رئيسي بين الشرق والغرب لشحن البضائع والطاقة من آسيا والشرق الأوسط إلى أوروبا.
ومدرج عبد الكوري ليس أول مهبط طائرات غامض يتم تشييده وسط حرب اليمن. ففي عام 2021، أوردت أسوشيتد برس أنه "تم بناء مطار في جزيرة ميون"، وتعرف أيضا باسم جزيرة بريم، وتقع في مضيق باب المندب الذي يربط خليج عدن بالبحر الأحمر.
بعد ذلك، قال مسؤولون عسكريون في الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، التي يدعمها التحالف الذي تقوده السعودية منذ عام 2015، إن "الإمارات تقوم ببناء المدرج".
واعترف التحالف الذي تقوده السعودية لقتال الحوثيين، في وقت لاحق، بوجود "معدات" في الجزيرة، في حين اعترف زعيم ميليشيا وابن شقيق الرئيس اليمني الراحل، علي عبد الله صالح، بأن "قواته المدعومة من الإمارات متمركزة هناك"، حسب أسوشيتد برس.
ومنذ نوفمبر، هاجم الحوثيون سفنا، قائلين إنهم يريدون إجبار إسرائيل على إنهاء هجومها في قطاع غزة ضد حماس. ومع ذلك، فإن الكثير من السفن التي استهدفها الحوثيون لم يكن لها إلى حد كبير أي صلة بإسرائيل أو الولايات المتحدة أو الدول الأخرى المشاركة في التحالف الهادف لردع هجمات الجماعة الموالية لإيران في البحر الأحمر.
كما أطلق الحوثيون صواريخ باتجاه إسرائيل، إلا أن معظمها فشل إلى حد كبير في إصابة أهدافه أو تم اعتراضه.