وجهت دول الخليج العربي صفعات متتالية للنظام الإيراني، كرد فعل على تدخلاته المستمرة والسافرة في شؤونها الداخلية، ومحاولاته العبث بأمن واستقرار البلاد، وردع مساعيه المتواصلة التي لا تكل ولا تمل لاختراق النسيج الخليجي السياسي والأمني والاجتماعي، ودأبه على مد أذرعه وفرض وصايته على شيعة الخليجية، بزعم حماية مصائرهم، وغيرها من الذرائع الإيرانية التي تقف أمامها دول مجلس التعاون.
الكويت تحكم على خلايا إيران
أصدرت الكويت، اليوم الثلاثاء، حكما يقضي بإعدام إيراني هارب وكويتي بتهم منها التخابر لصالح إيران وحزب الله اللبناني وحيازة متفجرات، وهو الحكم الذي يأتي في ظل حالة من التوتر بين إيران ودول مجلس التعاون الخليجي.
ورغم أنه حكم قابل للاستئناف، إلا أن مراقبين اعتبروه قاضيًا على أطماع إيران بالكويت، مشيرين إلى أن كمية ونوعية ومستوى التسليح المضبوط والمخبأ، يقود إلى استنتاج مساعي إيران لتنفيذ مخطط عدائي خطير ضد الكويت، يرقى في العلم العسكري والاستراتيجي إلى مستوى إعلان الحرب.
وكان تقرير إدارة الفحص قد كشف أن الأسلحة المضبوطة جميعها بحالة جيدة وصالحة للاستعمال.. وأن جهاز الاستخبارات الإيراني جنّـد وسلّـح وموّل ودرّب أعضاء خلية العبدلي، اعتبارًا من عام 1988 حتى 2015 في انتظار ساعة الصفر وأوامر التحرك من طهران.. وأن الملابس والمعدات المضبوطة لا تخص فقط الجيش الكويتي، وإنما تخص جيوش دول أخرى في المنطقة، وليست جميعها خاصة بقطاع القوة البرية، وهو ما يوحي بأن التخطيط للقيام بعمليات تخريبية على مستوى دولي، وليس في دولة الكويت فقط- بحسب مراقبين.
البحرين تضبط خلايا إيرانية
بالخط نفسه الذي تتبعه الكويت في سياسة قطع الأذرع الإيرانية ببلادها، وجهت البحرين اتهامات لعشرة أشخاص بالتخابر مع إيران وحزب الله، حيث نقلت وكالة الأنباء البحرينية أمس الاثنين، عن المحامي العام، أحمد الحمادي، القول: إن عدداً من المتهمين كانوا التقوا مسؤولين من حزب الله وقيادات بالحرس الثوري الإيراني، للحصول على دعم مادي "لمواصلة أنشطتهم الإرهابية بمملكة البحرين".
وقال الحمادي: إن التهم الموجهة إليهم تشمل "السعي والتخابر مع من يعملون لمصلحة دولة أجنبية بقصد الإضرار بمركز البلاد السياسي ومصالحها القومية، وتهمة الطلب والأخذ من دولة أجنبية وممن يعملون لمصلحتهم، أموالًا بقصد ارتكاب عمل ضار بمصالح قومية بالبلاد، وتهمة إنشاء وإدارة جماعة إرهابية على خلاف أحكام القانون، وتهمة جمع وإعطاء أموال لأعمال إرهابية".
وكانت البحرين قد أعلنت قبل أيام إحباط "مخطط إرهابي سري" مدعوم من إيران وحزب الله "كان يستهدف أمن مملكة البحرين، من خلال تنفيذ سلسلة من الأعمال التفجيرية الخطيرة".
وعلى مدار الأشهر القليلة الماضية، ردت مملكة البحرين بقوة على التدخلات الإيرانية في شؤونها الداخلية، واستخدمت كافة أنواع الرد استجابة لمطالب شعبية وبرلمانية بردع إيران، بداية من بيانات التنديد والاستنكار، مرورًا بسحب السفراء، ووصولًا لقطع كافة العلاقات الدبلوماسية تضامنًا مع المملكة السعودية بعد الاعتداء على سفاراتها في إيران، كما تم وقف رحلات الطيران، وينتظر المراقبون أن يتم تعليق الأنشطة الاقتصادية والتجارية بين البلدين.
وأعلنت البحرين في 2 أكتوبر 2015، عن تقدمها بشكوى رسمية ضد إيران للأمم المتحدة، بسبب "انتهاكاتها السافرة، واستمرار تدخلها المرفوض في الشأن الداخلي لمملكة البحرين"، حيث ارتفعت التصريحات العدائية من جانب طهران ضد البحرين، وقال الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة وزير الخارجية البحريني: "إن إيران تمادت في طريق التصعيد.. باستغلال الفئات المتطرفة، وإيواء الهاربين من العدالة وفتح المعسكرات لتدريب المجموعات الإرهابية، وتهريب الأسلحة والمتفجرات".
السعودية تؤدب إيران وترفض اعتذارها
كما وجهت المملكة العربية السعودية، صفعة قوية للنظام الإيراني بقطع العلاقات الدبلوماسية والتجارية والاقتصادية معها، حيث تزايدت حدة التوترات بين السعودية وإيران على خلفية الهجوم على سفارة المملكة في طهران، وقنصليتها في مشهد مطلع الشهر الجاري، بعد تنفيذ المملكة لأحكام الإعدام بحق 47 مدانًا بالإرهاب، بينهم رجل الدين الشيعي الشيخ نمر النمر، وأكد المراقبون أن تداعيات هذه الهجمات خطيرة على إيران، حيث تجعل منها دولة منبوذة وتعزز تلك الصورة.
وعلى خلفية الأزمة اتخذت دول الخليج منفردة خطوات متباينة تجاه إيران، بين تقليل التمثيل الدبلوماسي وسحب السفراء، وصولًا إلى إصدار بيانات الإعراب عن الأسف والتنديد بما حدث، وتسليم مذكرات احتجاج لسفراء الدول في إيران.
ورغم أن بعض الآراء ذهبت إلى القول بأن حقيقة الأزمة الحالية بين السعودية وإيران، بأنها نتاج قلق حكام المملكة، الذين وجدوا أنفسهم عاجزين أمام الاضطرابات الجيوسياسية الناتجة عن الاتفاق النووي الموقع بين طهران وقوى مجموعة (5+1)، والذي يمهد لعودة إيران إلى واجهة المشهد الإقليمي والدولي، إلا أن الرؤية الأخرى ترى أن أيًا كانت حقيقة الأزمة فقد تمكنت المملكة من ردع إيران، وأجبرتها على الاعتذار عن ما حدث للممثلات الدبلوماسية بإيران، وهو الاعتذار الذي رفضته المملكة.
وندد مجلس الوزراء السعودي، في جلسته أمس، برئاسة الملك سلمان بن عبد العزيز بالتصرفات العدوانية الإيرانية، والاعتداء وإتلاف وإحراق ونهب محتويات السفارة السعودية في طهران والقنصلية بمشهد، وأشار إلى أن هذه الاعتداءات على البعثات الدبلوماسية تأتي بعد تصريحات نظام إيران العدوانية، التي شكلت تحريضاً سافراً شجع على الاعتداء على بعثات المملكة، وتمثل انتهاكاً صارخاً لكافة الاتفاقيات والمواثيق والمعاهدات الدولية.
كما تقود المملكة "عاصفة الحزم" في اليمن ضد جماعة الحوثي "الشيعية المسلحة"، المدعومة من إيران منذ مارس 2015، لقطع الزراع الإيراني من اليمن، ووقف عربدة إيران في المنطقة.
التعاون الخليجي يوحد رؤيته
بدوره، أعلن مجلس التعاون الخليجي، أنه خرج برؤية مشتركة حيال "الاعتداءات الإيرانية" على الممثليات السعودية في إيران، وأكد أنه سيتخذ إجراءات إضافية لـ"وقف تدخلات طهران في المنطقة".
وقال الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج، عبداللطيف الزياني، في ختام اجتماع طارئ لوزراء خارجية المجلس، ناقش تطورات أوضاع قطع العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران، إن دول المجلس تدين "الاعتداء الإيراني" على السفارة السعودية، مشيرًا إلى أنها تقف صفًا واحدًا مع السعودية إزاء ما أسماها بـ"الاعتداءات الإيرانية" على الممثليات السعودية في إيران.
وأكد أن دول المجلس ستتخذ المزيد من الإجراءات للتصدي "للاعتداءات الإيرانية" في حال استمرت، مشيرًا إلى الاتفاق على وضع آلية لمواجهة "التدخلات الإيرانية"، وطالب الزياني في كلمته إيران "بإعادة الجزر الإماراتية الثلاث".