يكمل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، اليوم الأربعاء، عامه الأول "هجريًا" في حكم المملكة العربية السعودية، في سنة لم تكن كغيرها من عمر المملكة، إذ رسخ الدور القيادي للمملكة سياسياً وعسكرياً.
في عام الملك سلمان الأول في الحكم، اعتمدت السعودية سياسة واضحة ولهجة صارمة في وجه المد الفارسي الذي أراد التوغل في سوريا ولبنان واليمن والعراق، متصدية لمحاولاته الحثيثة لنشر الإرهاب في مملكة البحرين ودولة الكويت.
بعد شهرين من تسلمه الحكم، بدأ الملك سلمان سياسة وضع حد لهذا المد منطلقاً من اليمن، حيث أعلنت المملكة قيادة تحالف عربي لإعادة الشرعية إلى اليمن بعد طلب من الرئيس عبدربه منصور هادي، ليقطع الطريق على الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران، التي تنفذ وحليفها المخلوع علي عبدالله صالح المخطط الفارسي ضد الخليج العربي.
وأفشل التدخل العربي في اليمن، طموحات إيران التوسعية في المنطقة، إذ تسيطر القوات الشرعية على جنوب اليمن وتتجه بخطى ثابتة إلى معاقل المتمردين المتبقية شمال البلاد، واستطاع الرئيس هادي والحكومة الشرعية العودة إلى عدن، لإدارة شؤون البلاد من العاصمة المؤقتة، وتتمركز قوات التحالف اليوم على مشارف العاصمة صنعاء، متأهبة لتحريرها.
سوريا
ولعبت المملكة في عهد الملك سلمان، دوراً محورياً في حل الأزمة السورية واقفة بصلابة ضد ترجيح الدفة لصالح إيران، فحافظت المملكة على موقفها المؤيد لضرورة إنها الصراع السوري عبر الحلول السياسية على ألا يكون للأسد- حليف إيران الأول- دوراً في مستقبل البلاد.
وسعت السعودية عبر مؤتمرات جنيف إلى دفع المفاوضات تجاه حل عادل، وأثمرت تلك الجهود الحثيثة أخيراً إقامة "مؤتمر الرياض" للمعارضة السورية الشهر الفائت، الذي شكل خطوة فاصلة في مسار الحل السياسي السوري من بوابة توحيد المعارضة المعتدلة أولاً، ليعلن النظام السوري لاحقاً موافقته على الدخول في مشاورات جديدة مع المعارضة.
ميدانياً، عملت السعودية أيضاً على دعم المعارضة المعتدلة التي تواجه قوات النظام المدعومة بالميليشيات الإيرانية وحزب الله، والطيران الروسي لاحقاً، قاطعة الطريق أمام محاولة تعويم النظام مجدداً على حساب المعارضة، وسحبت من يدي طهران ورقة أن "النظام يسيطر على الأرض"، وهذا ما جعل موقف المعارضة قوياً في المحافل الدولية.
إيران
ختم الملك سلمان عامه الأول بتقليم أظافر إيران بصورة مباشرة، من خلال قرار قطع العلاقات الدبلوماسية معها، بعد اعتداءات رعتها حكومة طهران على السفارة السعودية بطهران وقنصليتها بمدينة مشهد، وأعضاء من البعثة الدبلوماسية.
وشكلت تلك الخطوة رسالة واضحة للعالم أجمع تؤكد أن السعودية في عهد الملك سلمان، دولة لها ثقلها الاقتصادي والدبلوماسي ولا تسمح لأي أحد بأن ينتقص من سيادتها، فضلاً عن إيمان راسخ بأن حماية المنطقة العربية أولوية على أجندة السياسة السعودية.
وانتهجت السعودية أيضاً سياسة داخلية وخارجية امتازت بالشفافية التي برزت بوضوح في التعامل السياسي مع إيران، وفي مواجهة الإرهاب بكافة أشكاله.
الاستقلالية
وأجمع المحللون على أن الملك سلمان استطاع أن يبني سياسة مميزة للمملكة، استقلت من خلالها عن حليفها الأساسي وهو الولايات المتحدة.
وجاء في تحليل لوكالة "رويترز" ما يعزز هذه المفاهيم، حيث ذكرت الوكالة "رغم اعتماد السعودية على الضمانات الأمنية الأمريكية، فقد أبدت المملكة في العام الأخير أكثر من مرة رغبة في التصرف بشكل مستقل عن الولايات المتحدة فيما يتعلق بقضايا الأمن الوطني".
وأبلغ دليل على هذه الاستقلالية هي عملية عاصفة الحزم في اليمن التي لم تخطر السعودية الولايات المتحدة بها، إلا قبلها بفترة قصيرة.
وفي الشهر الماضي أعلنت المملكة أيضاً تشكيل تحالف عسكري إسلامي من 34 دولة لمحاربة الإرهاب، ولم تكن الولايات المتحدة من الدول الأعضاء في هذا التحالف.
السياسة الصريحة
ولم تخف الرياض معارضتها للاتفاق النووي الذي أبرمه أوباما مع إيران، واعتبر أبرز "إنجازات" الرئيس الأمريكي في السياسة الخارجية، واعتبر المحللون أن السعودية تتطلع لما بعد أوباما وتمارس قوتها بمعزل عن حليفها.
لم تكن صفة "ملك الحزم والعزم" التي أطلقت على الملك سلمان بن عبد العزيز، إلا انعكاساً لقرارات وإجراءات التمست نتائجها على أرض الواقع، ليصبح أحد أهم صانعي السياسات في العالم.