خالد بن حمد المالك
أفكر باليمن، بما آل إليه الوضع هناك، فأشعر بألم لا يسمح لي بأن أتفهم سبب هذا الجنون الذي قاده إلى هذه الكوارث المدمرة، ويأخذني حبي لشعبه، وتمنياتي بأن يتعافى من الحالة الصعبة التي يمر بها، بالسؤال:كيف ليمني عاقل أن يقبل بأن يجره عبدالملك الحوثي وعلي عبدالله صالح إلى هذا النفق المظلم.
أفهم وتفهمون، بأن يجتهد الإنسان في تصرف أو عمل ما بهدف نبيل، فلا يوفق في اجتهاده، لكنه ما إن يكتشف خطأه في اجتهاده، حتى يسارع في تصحيحه، وندمه عليه، والاعتراف صراحة وعلانية بذلك، لا أن يكابر ويصر على استمرائه واستمراره في تكرار الخطأ، حتى ولو كان ذلك على حساب مصلحة الشعب والوطن.
وما لم أفهمه حتى الآن، ومن المؤكد أنني لن أفهمه في المستقبل، تلك الجرائم وسببها التي يرتكبها الحوثيون وأنصار علي عبدالله صالح بحق المواطن اليمني، بينما كان يمكن تحقيق طموحاتهم إذا كان فيها مصلحة للشعب والوطن بالحوار والتفاهم، وعدم اللجوء إلى أساليب القتل والتدمير والانقلاب على الشرعية، والإصرار على ممارسة هذا النوع من السلوك الكريه حتى ولو تم ذلك على حساب تخريب اليمن والإضرار بالشعب.
صحيح أن لإيران مصالح في اليمن، وتبحث عن موقع قدم لها فيه، وأن مخططاتها أن تعم الفوضى وعدم الاستقرار في أكثر من دولة عربية، بحكم أن ذلك ينسجم مع توجهاتها وأطماعها، وأنه يأتي ضمن أجندتها المذهبية والاقتصادية والسياسية والأمنية، غير أن هذا التوجه من إيران يفترض أن لا يقبل به إي أحد من العقلاء، فكيف إذا كان ذلك باليمن الشقيق، المشهود له بمواطنيه الشرفاء القادرين على منع إيران من التدخل في شوؤنهم.
فالحوثيون وأعوان الرئيس المخلوع، لا يمثلون الشعب اليمني، بأطيافه ومكوناته وقبائله، وإنما هم ينوبون عن إيران في العبث بمصالح اليمن، ومحاولة التأثير سلباً في عمق سياساته وتحديداً الأمنية منها بهدف زعزعة الاستقرار في جميع دول مجلس التعاون الخليجي وليس في اليمن فحسب، ضمن أهداف مشبوهة لن تنطلي على دول مجلس التعاون الآن وفي المستقبل.
ولعل الرسالة قد وصلت من المملكة ودول التحالف إلى إيران وعملائها في اليمن، بأن عاصفة الحزم تضع أمامهم الخيار الصعب والوحيد، وهو إما القبول بوقف الحرب، وبالتالي الاستجابة لمطالب المملكة، أو الإصرار على الخطأ، وبالتالي الاستمرار في تلقي الضربات الجوية والأرضية، ومن ثم الاضطرار للقبول بمبدأ الحوار والتفاهم بدلاً من الحرب.
مرة أخرى، فأنا لا زلت عاجزاً عن تفسير الموقف الإيراني -الحوثي من القبول بتوقف الضربات الجوية والأرضية، في مقابل التسليم بالهزيمة، وفتح صفحة جديدة للحوار، وصولاً إلى حلول جذرية تنقذ اليمن من المؤامرة الإيرانية الكبرى، وتمكن الشعب اليمني من تحقيق الأمن والسلام لبلاده، اعتماداً على اتفاقية سبق لمجلس التعاون لدول الخليج أن تبناها، ووقعتها جميع الأطراف اليمنية في الرياض، قبل أن ينقض عليها ويتخلى عنها الحوثيون وأعوان الرئيس المخلوع.
ومع كل هذا، فإن الموقف الحوثي وأتباع علي عبدالله صالح مدعومين من إيران، ما زال موقفاً غامضاً، ويستعصي على الفهم، حيث يحمل الكثير من التفاصيل الغامضة، وإن كان إطاره العام واضحاً، وهو أن ما يجري مؤامرة إيرانية، يقوم بها بالوكالة عن إيران عبدالملك الحوثي وعلي عبدالله صالح وأتباعهما، لكن ما هي حدودها وإلى أين تتجه، هذا هو السؤال.