صالح المسلّم
مُنذ ثورة الخُميني «وهي ثورة نشبت سنة 1979 وحولت إيران من نظام ملكي، تحت حكم الشاه محمد رضا بهلوي، لتصبح جمهورية إسلامية عن طريق الاستفتاء. الخميني يعد مؤسس «الجمهورية الإسلامية الإيرانية». وحاول العمل على مد الثورة أو ما سُمي تصدير الثورة إلى المناطق المجاورة، ويرى بعضهم أن قيام الحرب العراقية الإيرانية كانت من نتائج تلك السياسة، وكذلك الحرب الأهلية الأفغانية، والمنطقة العربية تعيش في حالة من الفوضى بدأت ببروز أصحاب العمائم وتسلمهم السلطة السياسية في بلاد الفُرس، لينعشوا المطامع الفارسية القديمة في محاولة منهم إلى إعادة التاريخ الأغبر، والاغتصاب، والحُروب الهمجية، وزرع الفوضى، والسلب والنهب إلى المنطقة، وزعزعة أوطانها وتفكيك وتشريد شعوبها، مروراً بأزمة الخليج و«عاصفة الصحراء» (اسم العملية العسكرية التي بدأت في 16 يناير 1991 ضمن حرب الخليج الثانية) التي قادتها «السعودية» بكل شجاعة واقتدار لإخراج العدو آنذاك «العراق» وشلّة المخلوع صدام حسين، ومؤازرة بعضهم ممّن عاشوا فترة من الأحلام الوردية وكان على رأسهم الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح، كان مُؤيداً لصدام وغزوه للكويت وحسب تفكيره سيكون صدام زعيم الأُمة العربية، ولكن حنكة المملكة العربية السعودية وعلاقاتها المتميزة وموقعها القيادي من العالم العربي والإسلامي، وبالتالي ثقلها الدولي دحر هؤلاء الأعداء وعلى رأسهم صدام وصالح، وتم إعادة الكويت إلى وضعها الطبيعي كدولة مستقلة، وخسر الرئيس اليمني المخلوع رهانه وتلاشت أحلامه..!
إن هدف «العاصفتين»، الصحراء والحزم، كان واحداً: تمكين الحكم الشرعي في بلدين عربيين هما الكويت واليمن من استعادة السلطة بعدما تعرضت لعملية غزو منظّم من قبل قوتين خارجيتين. في حالة الكويت كان هدف الغزو الذي نفذه صدام حسين هو الإطاحة بالسلطة الحاكمة في ذلك البلد وتسليط شخص مجهول الهوية على الكويت، فيما يحكم صدام من خلاله ويتصرف بمقدرات الكويت وبثروة شعبها. وفي حالة اليمن اليوم، يهدف الغزو الإيراني تحت غطاء جماعة الحوثيين إلى تسليط هؤلاء على مقدرات البلد بعد الإطاحة بالسلطة الحاكمة، واحتجاز رموزها من الرئيس إلى رئيس الوزراء إلى سائر المسؤولين، ثم اللحاق بهم إلى عدن بعدما تمكنوا من الهرب من صنعاء.
وهاهي الأيام تُعيد نفسها «وصالح» الذي يلعب بالنار، أعمى البصر والبصيرة، في اعتقاده أن إيران ستقف معه وتدعمه، فقام بالمناورات هُنا وهُناك ودعم الحوثيين والقاعدة من قبلهم وتلاعب بمشاعر الأشقاء اليمنيين، حتى حوّل اليمن إلى بُقعة من الفقر والجوع والجهل والظلام، بل إن عملية (حوثنة) اليمن انطلقت منذ بداية الثورة الإيرانية بالتحديد..!! «مكث صالح ثلاثة وثلاثين عاماً يبني مجداً له ولم يبن دولة» من يقرأ التاريخ جيداً سيُلاحظ أن اليمن اعتمدت على المساعدات الخارجية مُنذُ ثلاثة عقود وأكثر، ولم تُفلح هذه المُساعدات، كونها تجيء وتذهب إلى جيوب «النُّخب» في اليمن ومن هم في دائرة صالح، ومع الأسف لم يلتفت الإخوة في دول مجلس التعاون الخليجي والسعودية بوجه الخصوص، إلى أن اليمن يعيش حالة من الفراغ، ويعتبر منطقة طازجة قابلة للتحول والتحويل والتشبّع والتشبيع، والقبول والتقبيل، ومن هُنا كانت منطقة تقبّل التيارات الجديدة، ونزاع الطائفية، كون اليمن في هذه الوضعية ـ وقد غاب عن الذهنية الخليجية فترة من الزمن ـ أصبح مُستهدفا من قبل الأطماع الفارسية ومن ملالي إيران بالتحديد ومُثقفيها، فغزوا هذه البلاد وتفنّنوا في الطُّرُق التي يصلون بها إلى أهدافهم ويحققونها على أرض الواقع!.
أصبحت اليمن بؤرة لانطلاق التيارات المُعادية للسلام، وبؤرة للأحداث الإرهابية في العالم، بل أصبحت مُنطلقا لأغلب الجماعات الإرهابية. فمن صنعاء، وتعز، وإب، والحديدة، والضالع عسكر هؤلاء وتلقّوا التعليمات وأخذوا التدريبات العسكرية، وانطلقوا إلى آفاق العالم وفجّروا وقتلوا في بغداد والدنمارك واليونان وأمريكا وأوروبا، ويكاد لا توجد بُقعة في الكرة الأرضية لا تخلو من بصماتهم الإرهابية!!.
• فإلى متى يظل اليمن السعيد غير سعيد؟ بل شقياً للأبد!.
• وإلى متى يظل اليمن خارج المنظومة الخليجية واهتماماتها، وبقعة لصراعات آيديولوجية وتيارات مُختلفة، في ظل الغياب التام لاحتواء اليمن من كافة الأصعدة وفي جميع الاتجاهات؟.
• وأخيراً: هل أنت (أيها القارئ الكريم) مع أو ضد انضمام اليمن إلى مجلس التعاون الخليجي؟ ولماذا؟!!.
/نقلا عن صحيفة الشرق السعودية/