محمد السديري
تواصل قوات التحالف التي تقودها المملكة العربية السعودية هجماتها على مواقع عسكرية تابعة للحوثيين، ودك معاقلهم في أنحاء عدة من اليمن وفي تحقيق النجاحات التي قامت من أجلها للحفاظ على أمن وسلامة اليمن والتصدي لجماعة الحوثيين وإنهاء حالة الانقلاب على الشرعية التي فرضتها هذه الجماعة وإنهاء سيطرتهم على النظام ومؤسسات الدولة وإعادة ما تتقوى به من سلاح وعتاد إلى الحكومة الشرعية.
لقد توقعنا من خلال قراءة الأحداث التي مرت بها اليمن خلال الشهور الماضية حدوث تدخل خليجي في اليمن بالقوة لكبح جماح التمدد الإيراني "الصفوي" في اليمن والمنطقة عبر حليفها الحوثي، الذي كان يسعى إلى إيجاد مواطئ قدم إضافية لطهران في منطقتنا العربية، فإيران كالمعتاد ومن خلال طموحاتها الإقليمية التي أيقظت سلاح الطائفية في نفوس المخدوعين بها كانت تؤسس لجعل جماعة الحوثي كحزب الله الذي أصبح قوة عسكرية تزيد قوتها عن قوة الجيش اللبناني النظامي، بحيث تعمل على تلبية مصالح إيران في المنطقة التي تمولها وتمدها بالسلاح وتضعها تحت عباءتها السوداء مستغلة حالة الفوضى في اليمن والحالة الاقتصادية والأمنية المتردية.
ومن هنا يمكن القول إن الحرب التي تقودها السعودية على رأس ائتلاف من عشر دول لا تتم دفاعا عن أمنها فحسب، بل على أمن جزء واسع من العالم لإنقاذ اليمن من مصير لا أحد يستطيع التنبؤ بعواقبه، وحتى لا يتحول اليمن إلى ساحات تعبث بها جماعات متطرفة وتستغلها تنظيمات إرهابية تهدد أمن اليمن أولا ودول الجوار ثانيا والعالم بأسره.
لعل الهم الأكبر الذي يراود الكثيرين اليوم يتعلق بما ستؤول إليه الأمور في اليمن الشقيق، فالضربات الجوية ضد معاقل الحوثيين العسكرية والمعسكرات الموالية للرئيس المخلوع لا تزال تحت الضغط على مدار الساعة والعمليات الجوية تزداد بوتيرة عالية باستخدام الطائرات بجميع أنواعها ذات القدرة والكفاءة التي عملت على تدمير معظم الدفاعات الجوية الحوثية، وهو ما يؤكد أن المليشيات الحوثية لن تتمكن من إدارة أي عمليات في أي مكان كان في قادم الأيام، كما لن يجد المخلوع وأنصاره الذين عملوا على خراب اليمن أي مكان آمن لهم بعد اليوم، لكن بالمقابل هناك تحرك قبلي في الجنوب وتجمع زاحف نحو عدن في محاولة للسيطرة عليها والتقاط الفرصة وإعلان الانفصال في ظل إضعاف الشمال كون القصف يتركز غالبيته في المحافظات الشمالية.
إن تطور عاصفة الحزم إلى مواجهة عسكرية برية من وجهة نظري من خلال تمكين القبائل اليمنية لقتال جماعة الحوثي التي خارت بعض معنوياتها وتردت أوضاعها نتيجة لسعي الحوثيين خلال الفترة الماضية لإضعاف القبيلة والعمل على تفكيكها كتمهيد أساس لسيطرة المذهب وسيادته، إضافة إلى دعم القيادات العسكرية والمعسكرات الرافضة للتواجد الحوثي الإيراني على الأرض اليمنية سيساعد كثيرا على تحقيق الأهداف وتجنيب اليمن الدخول في فوضى شاملة، ولا شك أن قوى التحالف تدرك ذلك، ومن ثم فإن دعمها للقبائل والألوية العسكرية والأجهزة الأمنية الموالية للرئيس هادي، والتي ما زالت تقف في صف الشرعية وتأتمر بأمر وزير الدفاع الشرعي أمر حيوي للعمل على تجميع القبائل اليمنية داخليا وتسليحها لمواجهة الحوثيين على الأرض وإيقاف سياساتهم وانتهاكاتهم، سواء في الداخل اليمني، أو من خلال سعيهم المحموم إلى الاستهانة، واستفزاز جيران اليمن من الدول الخليجية.
لا يبدو أن هناك نهاية قريبة حتى تحقيق أهداف عاصفة الحزم التي أعلنتها الدول المتحالفة والتي تمحورت حول ثلاثة أهداف رئيسية هي إعادة الشرعية لليمن، وتمكين الرئيس الشرعي عبد ربه هادي من ممارسة مهامه كرئيس لليمن، وإعادة الأمن والاستقرار لمنطقة باب المندب ذات الأهمية الاستراتيجية للمنطقة ككل وللسعودية التي تعتبر اليمن امتدادا هاما لأمنها القومي، وفي رأيي أن استراتيجيته إضعاف القوة العسكرية لجماعة الحوثي المسلحة ودك مواقع تمركزهم ونزع سلاح الطائفية من ترسانتهم، إضافة إلى حصد شوكة الرئيس المخلوع، ونزع فتيل الفتنة من بين يديه سيقودهم إلى القبول بالحل السياسي الذي تتجلى بوادره في وقع حراكٍ دبلوماسي مكثف، للتوصل إلى إنهاء الأزمة ووقف الضربات العسكرية، مع العودة إلى طاولة المفاوضات من خلال الحوار القادم الذي دعت إليه الرياض والذي سيؤسس لخارطة طريق تعيد البلاد لمسار الاستقرار والاستمرار في الحوار حيث توقف، بناء على المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني ودعم العملية السياسية بما يضمن الجميع أن اليمن سيبدأ عملية بناء جديدة. ودمتم سالمين.
/عكاظ/