كلمة الرياض
كتبها/ أيمـن الـحـمـاد
الإرهاب الذي يضرب اليمن اليوم يُسأل عنه من دفعَ باتجاه الانقلاب على شرعية الرئيس هادي، الحوثيون وعلي عبدالله صالح - الذي تحول لقائد ميليشيا -، فهم من أضعفوا الدولة اليمنية المنهكة في أساسها، وجعلوها تتداعى في ظرف داخلي وإقليمي صعب وحساس، فبعد أن انهارت مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية، أرادوا إسقاط رئيسها باحتجازه، ومعه رئيس حكومته، من أجل استكمال مشروعهم الانقلابي، وهو ما لم يحدث.
خلطُ الأوراق في المشهد اليمني كان مخطط الانقلابيين، وذلك بدفع اليمن إلى خط اللاعودة عبر إقحام القبيلة والمتطرفين ومؤسسة الجيش التي لزمت الصمت طيلة الاجتياح الحوثي للعاصمة صنعاء، لتؤكد تورط الحرس القديم المتجذر في المؤسسة العسكرية، والتي حرص الانقلابيون على احتجاز قائدها اللواء الصبيحي، الذي يحظى بقبول واسع، ليتمكن لاحقاً من الهروب من مكان احتجازه، ويلتحق بالدولة الشرعية التي تتحصن في عدن.
أراد قادة الانقلاب إيصال رسالة إلى الجوار الإقليمي، والدول المحيطة فقاموا - في تحرك خطير - بقصف مقر الرئيس منصور هادي في عدن، ليقولوا إنهم يسيطرون على قطاعات الجيش بما فيها سلاح الجو، وليؤكدوا وجود انقسام واضح في الجيش اليمني بين من هو مع، وضد الشرعية.
فالتخلص من الرئيس هادي يدفع اليمن اليوم إلى حرب أهلية، والتي باتت في حقيقة الأمر على شفا الوقوع فيها، وهدف علي عبدالله صالح إيقاع البلد في أتون تلك الحرب أملاً في تحقيق الانفصال، لكن ما يحدث سيفضي إلى حرب شاملة متعددة الأشكال: أهلية من جهة القتال بين الشمال والجنوب، ودولية ضد الجماعات المتطرفة من جهة أخرى.
علي عبدالله صالح والحوثيون من بعده يدركون هشاشة الوضع الأمني في اليمن، وسهولة اختراقه، فبعد استباحة الدولة أصبح الطريق ممهداً أمام التنظيمات الفوضوية المتطرفة، وعلى رأسها القاعدة و"داعش"، التي أراقت دم 150 مصلياً في مسجدين في صنعاء في مشهد ينذر بخطر داهم قد يدفع ثمنه الانقلابيون، وربما يعجّل في نهايتهم إن اجتاحت التفجيرات صنعاء، وسيضعهم تحت طائلة المسؤولية الداخلية والدولية، إن خرجت تلك التنظيمات التي طالما اعتبرها صالح مبرراً لبقائه، عن السيطرة، وهذا مرجح، إذ إن الضربات التي ألحقها التحالف ب"داعش" والقاعدة في سورية والعراق، ربما تجعل من اليمن الذي يشكو حالة انفلاتية، موقعاً لتلك الجماعات التكفيرية.
المملكة التي اضطلعت منذ عقود بالحالة اليمنية ودفعت لاستقرارها إيماناً بدورها القيادي في المنطقة، ولأجل تحصين محيطها من القلاقل، لن تألو جهداً من أجل تماسك الدولة الشرعية في اليمن، وهي تعلم أن المخطط التخريبي الذي تقوده دول دأبت على التواجد في بؤر التوتر وإذكاء الفتن وتشكيل ميليشيات عبثية هنا وهناك، في لعبة محفوفة بالمخاطر سيحرقها بالنار التي توقدها تحته.