الأرشيف

الإرهاب ووعي التاريخ

الأرشيف
السبت ، ٢١ مارس ٢٠١٥ الساعة ١٠:٠٥ صباحاً

رأي البيان الاماراتية


 

عشرات القتلى في تفجيرين انتحاريين ضربا مسجدين في صنعاء. وعشرات القتلى والجرحى في تفجير ضرب مسجداً في باكستان. هذا وذاك حدثا بعد ثلاثة أيام من مذبحة متحف باردو في تونس التي تحتفل بالذكرى التاسعة والخمسين لاستقلالها على وقع الألم. إذن المساجد والكنائس والجامعات والمدارس، والأسواق والشوارع، كلّها ميادين للإرهاب بلا تمييز أو رحمة.

أصبحت دول العرب مسارح للعبث الخارجي والتآكل الداخلي، وجدرانهم منخفضة ليقفز عنها من هب ودب. الدم العربي بات رخيصاً في أعين الإرهابيين، والدول العربية تتّجه لتصبح دويلات، وكل دويلة فيها ما يكفي من أسباب مصطنعة لتقتتل على لون أحجار الرصيف.

سوريا والعراق وليبيا تشهد حروباً داخلية طاحنة أعنف وأكثر دموية من حرب بين دولتين، وإذا كانت ليبيا خالية من العنصر الطائفي والمذهبي فإن هذا العنصر موجود في اليمن وسوريا والعراق بدرجة تكفي للقوى التي لا تريد خيراً للأمة العربية والإسلامية أن تعبث وتلعب وتحرّك الأدوات كما تشاء.

مؤسف أن نرى الأوضاع في بعض دولنا العربية تنجذب باتجاه العناوين المدمّرة، حيث ترجم شعار الإصلاح إلى تخريب، والديمقراطية إلى فوضى، والحريّات إلى انهيار كامل للقيم.

إنه الإرهاب الذي لا هوية له ولا دين ولا طائفة ولا برنامج. لكن ما يجهله صانعو الإرهاب أن السياسة هي السياق والتاريخ وليست اللحظة والراهن. مخطئ أو غبي من يعتقد أن الإرهاب أداة سياسية طيّعة، ويزداد غباؤه إذا اعتقد أن الإرهاب ثابت في الاتجاه وراكد في المكان.

الإرهاب وحش لا يرحم مربيه ومطعمه، وهو مهيأ بالطبيعة والجينات للانقضاض على مدجّنه في أية لحظة وعند أية فرصة سانحة، وهو قادر على التمدّد وتغيير الاتجاه والانتقال من يد إلى أخرى ومن مموّل إلى آخر وفقاً لمن يدفع أكثر. يبقى أن نعرف كم سندفع من الأبرياء ومن منجزاتنا قبل أن نفهم ونعي لحظتنا التاريخية.

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)