رأي الوطن السعودية
جانب مبعوث المنظمة العامة للأمم المتحدة جمال بنعمر الصواب حين طالب أمس "جميع الأطراف السياسية في اليمن والجماعات المسلحة بالوقف الفوري وغير المشروط للاقتتال ولجميع الأعمال العدائية وممارسة أقصى درجات ضبط النفس"، فواقع الأمر يقول إن من حمل السلاح وأخلّ بأمن البلاد ونشر الاضطرابات فيها هم الميليشيات الحوثية وبقايا النظام السابق، أما بقية الفصائل التي يقصدها المبعوث الأممي فهي إما تدافع عن الشرعية أو تحمي ممتلكات الشعب.
لذلك لا مجال هنا لوضع الجميع على قدم المساواة في المطالبة، وكان الأولى بجمال بنعمر أن يحدد بدقة، فمن غير المعقول أن يضغط الحوثيون ومن يوالونهم على مؤسسة الرئاسة الشرعية في كل مكان، حتى في عدن حيث يستقر الرئيس عبدربه منصور هادي حاليا، لتحقيق مآربهم في السيطرة على مؤسسات الدولة والقرار اليمني، ويبقى المبعوث الأممي غير قادر على التصريح بوضوح ضد العنف الذي يمارسونه.
وعليه، فإن إدانة بنعمر في بيانه الذي أصدره أمس في صنعاء استعمال القوة في عدن صحيحة لو اتجهت إلى الجهة المعتدية فقط، وتأكيده أن "ارتفاع وتيرة العنف بما فيه الضربات الجوية ضد القصر الرئاسي وانتقاله إلى مستويات غير مسبوقة يهددان أكثر من أي وقت مضى بجر البلاد إلى مواجهة شاملة سيدفع ثمنها الباهظ المواطنون اليمنيون العزل" سليم تماما من حيث المبدأ، لذلك يفترض فيه أن يسعى إلى إقناع الجميع – إن استطاع – بأهمية التوصل إلى مخرج يضمن عدم تكرار مشاهد العنف على الساحة اليمنية.
هذا على مستوى الكلام النظري، غير أن التجارب السابقة تبين أن الحوثيين لا أمان لهم، ولا يريدون مخرجا إلا بشروط يحددونها بالتفاهم مع حلفائهم الداخليين الذين تساعدوا معهم في المحاولة الفاشلة قبل يومين من أجل السيطرة على مطار عدن ومواقع أخرى كجزء من مسلسل استكمال الانقلاب الذي بدؤوه منذ سبتمبر الماضي، ويأتي اتهام الرئاسة اليمنية في بيانها أمس للجماعة الحوثية المدعومة بأركان النظام السابق بالوقوف وراء محاولة الانقلاب ليسمي الأمور بمسمياتها، ويوضح أن "ما جرى هو رسالة للعالم بأن الانقلابيين وأعوانهم يرفضون أي حلول أو الجلوس إلى طاولة الحوار".. ما يعني أن على المبعوث الأممي أن يبحث عن طرق بديلة، فدعوات الحوار ليست أكثر من منح وقت للحوثيين لتحقيق مكاسب غير مشروعة.
21-3-2015