كلمة صحيفة اليوم
كعادتها دائما كانت المملكة واضحة في سياساتها الخارجية، وهي اليوم أكثر وضوحا مما قبل، فالبلدان التي تمر بأزمات داخلية حادة، تحتاج الى وسيط موثوق، ووسيط نزيه، وصاحب دور فاعل ومؤثر، والمملكة ومن خلفها دول الخليج، قد اتفقوا وعملوا على حل الازمة اليمنية، عبر المبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار الوطني، الحوار الذي قاد الى سلسلة من التفاهمات الداخلية، والتي لم تقص فصيلا سياسيا، او مكونا اجتماعيا، وظل الدعم والاسناد واضحا للشرعية اليمنية والشرعية الدستورية، وظل التزاما خليجيا نحو اليمن الدولة والمجتمع والمستقبل.
المملكة وهي تعمل وبدعم استثنائي من قادة دول الخليج، لحل المشكل اليمني، فتحت بوابات الاتصال الدبلوماسي على الجميع، لم تستثن أحدا، وعلى قاعدة الشرعية والمبادرة الخليجية، ولهذا وكما ذكرت وسائل الاعلام، أن هناك اتصالات دبلوماسية مع الحوثيين، ومع حزب الاصلاح وحزب المؤتمر الشعبي، والحقيقة، ان المملكة التي ستستقبل القوى اليمنية، سعت للوقوف بمسافة واحدة وواضحة من الجميع، فالحوار يمني، ولأجل اليمن، والمشاركون فيه يمثلون اليمن، ولا أحد بمقدوره اقصاء طرف آخر، ولا أحد يبني لقاءاته وحواراته على اساس الامر الواقع، بل على اساس الشرعية والمبادرة الخليجية.
اليمن لا يحتاج الى دعم بذور الفتنة النائمة، والشرعية في اليمن شرعية واحدة لا غير، والجميع يعمل في اطار الشرعية الدستورية، وعلى ما يتوافق عليه اليمنيون، المملكة ليس بمقدورها تغيير اليمنيين ولا استبدال اليمن، ولا التأثير في خيارات اليمنيين، ورؤيتهم لمصلحة بلدهم ووطنهم، المملكة تدعم ما يتفق عليه الجميع، في اطار هذه الشرعية، ولكن البعض يحاول ان يجادل دون نفع او فائدة، يحاول التدخل وبث الفتنة والفوضى في اليمن، لان من استراتيجيتهم هدم الدولة وانشاء الميليشيات التابعة لها، ومع ذلك فان هذه التبعية مرفوضة ليس من قبلنا بل من قبل اليمنيين انفسهم.
بالامس عندما تعرض العراق لجرح في ارادته وهويته الوطنية، عندما اراد اعلام ايران ببث الهواجس والانفعالات حول هوية العراق والوحدة مع ايران اول من رفض هذه السياسة ليس العراقيون السنة، وانما رفضتها المراجع الشيعية، مؤكدة ان التعاون مع ايران لن يكون على حساب الهوية والتاريخ العراقي، وهذا ما سيرفضه اهلنا في اليمن وفي المكون الزيدي، المكون الذي لم ينزلق الى المصالح السياسية، وظل على الدوام مكون حكمة ووسطية واعتدال.
إن المملكة وهي تشرع أبوابها للاخوة في اليمن هي ودول مجلس التعاون الخليجي، تدرك تمام الادراك أن العقلاء في القوى السياسية اليمنية أهل حكمة وحوار، وان الدنيا لا تأخذ غلابا، وان زمان السحرة قد ولى ولا يفلح الساحر حيث أتى، وان طريق التفاهم حري باليمن، للخروج من طريق الفوضى، وان هناك كثيرا من الرموز والنخب مدركون أن ثمة من يدفع للصدام بديلا عن الحوار، لكننا واثقون بأن الخلاف لا يفسد للود قضية، وان الشراكة تعبير عن ارادة الجميع، وليس عن ارادة واحدة، وان الارهاب الذي سيتم دحره في العراق عينه على اليمن، وللأسف هناك من يتخادم معه ويسهل اموره، ظنا منه ان اليمن ستصبح دولة فاشلة، ولكن اليمنيين، وعبر التاريخ أفشلوا كل السلطات التي حاولت استعمارهم، وظلوا رغم وفرة السلاح يحكمون اليمن، بالحكمة اليمانية.
ان على اليمنيين ان ينظروا عن يمينهم وعن شمالهم، كيف كانت مآلات التدخل الخارجي، وكيف ان الدول التي تدعي دعم طائفة او مكون معين، انما تدعم في الاساس الشقاق وليس الوفاق، والتخريب وليس البناء، وان منطق الدولة لا يقام ولا يشاد على اسس المفارقة الوطنية، بل على اسس الاجتماع والتعايش والتسامح الوطني والديني، وهذا التنوع هو مصدر القوة وليس مصدرا للضعف كما يحاول البعض وصف وتأكيد ذلك