بشير البكر
ثمة مثل يمني يقول "كل ما صفت غيمت"، وهذا هو حال أزمة اليمن اليوم، التي باتت مرشحة للانتقال إلى العاصمة السعودية الرياض، بعد أن وافق الملك سلمان بن عبد العزيز وقادة دول مجلس التعاون على طلب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي لاستضافة أطراف الخلاف اليمني، بعد أن تعذر جلوسها إلى طاولة واحدة في داخل اليمن.
لقد ساد الاعتقاد في الأيام الأخيرة بأن خروج هادي وغالبية أعضاء حكومته من أسر حركة "أنصار الله" (الحوثيين) في صنعاء إلى عدن سوف يكون بداية لمخرج من الأزمة، من خلال حشد ثقل شعبي في الجنوب والشمال يعزل الحوثيين، ويشكّل ضغطاً عليهم للعودة إلى نقطة البداية التي تم فيها توقيع "اتفاق السلم والشراكة" في سبتمبر/أيلول الماضي برعاية ممثل الأمم المتحدة جمال بنعمر، وكانت حركة هادي بعد خروجه من صنعاء تهدف إلى استعادة الشرعية في الداخل وكسب الدعم والتأييد من طرف العالم الخارجي، وتمكن خلال فترة قصيرة أن يجمع حوله شارعاً واسعاً في الجنوب والشمال رافضاً الانقلاب الحوثي، ومساندة خارجية تمثلت بانتقال العمل الدبلوماسي إلى عدن، إلا أن كل ذلك لم يغير في سلوك الحوثيين الذين يعتمدون على حليف داخلي قوي هو الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، وحليف خارجي هو إيران بدأ يؤكد حضوره كل يوم في مجريات الأزمة، ويعمل على تثبيت أقدام حلفائه الحوثيين، ويدفع بمشروعهم إلى الأمام. وهنا تتوجب الإشارة إلى الاستثمار الإيراني الصريح والسريع للموقف، من مظاهره أن طهران سارعت إلى تسيير رحلات جوية إلى صنعاء بمعدل رحلتين في اليوم، وشرعت في استقبال وفود حوثية على مستوى عال. وهذا يوجّه رسالة ذات مضمون واضح بأن العلاقة مع الحوثيين لا تقتصر على التعاطف والدعم السياسي، بل هي أكبر من ذلك بكثير. وكشفت جملة من التسريبات عن دور لإيران والأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في هندسة وترتيب الانقلاب على شرعية هادي، بالتعاون مع علي عبد الله صالح، الذي لا يوفر مناسبة من أجل إعادة خلط الأوراق في اليمن؛ بهدف إسقاط هادي وإقصائه من المشهد في صورة كلية.
/العربي الجديد/