سمية الفقيه
ليس هناك أقسى و أدمى من ان يكون لنا وطن ما زال ،ومنذ عقود مضت، حبيسا في عنق المكبرات الصوتية، وخلف شاشات التلفزيون، وطن مازال رهينا لقنوات فضائية عقيمة ليست سوى ابواق مهترئة تستميت في إعلاء ورفع شأن اصنام بشرية حنطهم اتباعهم كمومياءات جامدة لم تعد تنعق إلا بفحيح الغطرسة والغرور وممارسة التغرير ببسطاء هذا الشعب الكادح من اقصى اليمن لأقصاه والسير على نعوشه واضرحته المترامية النزف والمعاناة والأنين. يؤسفنا ان نقول ومن خلال وقائع الاحداث الدامية أن اليمن تحول لظاهرة صوتية تقودها زعامات صوتية متخمة ببريق الميكرفونات وحشد أكبر قدر ممكن من المغرر بهم والتمترس خلف شعارات زائفة اوصلت البلاد والعباد للهاوية، كالحوثي وعفاش،الذين اصابهم بريق المكبرات بغرور السلطة والفخة الكاذبة وبالتالي حصروا اليمن وازماته في بهرج المكبرات الزائف وصارا مثالا لظاهرتان صوتيتان اججا في الشعب الفتن وجعلا البلد يصطلي على صفيح ساخن. فرغم فداحة الأوضاع السياسية الراهنة وشتات وتمزق البلاد وتفكك الجيش الوطني ورغم ما نعيشه من شقاق وتناحر، وتردي واقعنا الحياتي ،وانكسارات المواطن اليمني ومعاناته المعيشية وظروفه الضنكى،نجد هؤلاء منشغلون بتلميع صورهم خلف مكبرات الصوت كفاتحين بعبارات وكلمات لم تعد إلا فقاعات صابونية لم تستطع منذ امد طويل ان تحسن واقعنا للأفضل ابدا والشاهد على ذلك ان ما يقارب من 25 مليون يمني بائس لا تتوفر لهم على أرض الواقع أدنى مقومات الحياة البسيطة، يحلمون برغيف يابس وسقف آمن وحياة كريمة . كيف نحلم بمواطنة متساوية ومثل هؤلاء لا يريدون التنازل عن جبروتهم السياسي الفج؟وكيف نطالب بدولة مدنية بوجود النافذين والمذهبية والمتطرفين وارباب الحرب والمتاريس؟ تناقضات مريعة يعيشها البلد وقد تسيدت الهيمنة واصطفت قوى الجمود والبطش والتراجع لدولة المماليك والسادة والعبيد، تناقض اودى بواقعنا السياسي لأن يكون كل اليمن في قبضة زمرة مأجورة ما كانت وصلت لما هي عليه الآن من استقواء ان كان بلدنا بالفعل بلد يسير على مبادئ الوطنية والدساتير المشرعة للعمل السياسي والوطني الحقيقي وتسيد القانون وتساوي الرؤوس تحت مظلة شعارها الوطن فوق الجميع. زعامات كهذه ظلت تاريخها الطويل ،ومازالت،تتجمل خلف الاضواء وخلف مديح المرائيين ،بينما على ارض الواقع يصبون جام قبحهم على الارض وعلى كرامة الانسان ويجعلون عاليها سافلها ،لا يمكنهم بأي شكل من الاشكال ان يحققوا للبلد سوى الانهيار الشامل ويجعلونا في قاع السعير. فهكذا يصير الحال جحيما حين يتسيد علينا زعامات المكبرات الصوتية ويخنقون فينا رمق النعتاق ..لذا من المعاناة والاحتضار،، لا مناص.