ابتسام آل سعد
عدن عاصمة اليمن، ليس غريباً أن يصبح الوضع الآن في هذا البلد الذي بات وبفضل الحوثيين والكثير من الخونة الذين يعيشون فيه بلدين، حتى وإن برر هادي منصور أن اعتبار عدن عاصمة (مؤقتة) لحين (تحرير صنعاء) التي اعتبرها محتلة من الحوثيين الذين يسيطرون تماماً على أجهزتها ومنافذها، ورغم أنني أجد نفسي حالياً متعاطفة بشكل ما مع الرئيس هادي، إلا أنني لا يمكن أن أخليه من مسؤوليته في كل ما يجري اليوم في اليمن والحال التي وصلت إليها بلاده، وبعد أن كانت عدن العاصمة التجارية لليمن بعد وحدته التي ألّفت بين الشعبين وقضت لفترة طويلة على محاولات الانقلاب عليها وفضها وإعادة البلاد إلى ما كانت عليه، حيث الشمال والجنوب، وحيث إن أهل الجنوب أكثر رفاهية وأبناء الشمال غارقون في فقر لا ينتهي!، لا يمكن لأي عاقل أو مختص بالشؤون اليمنية أن يعفي عبد ربه اليوم من الوبال الذي أصاب البوابة الجنوبية لشبه الجزيرة العربية، وأنه مشارك نوعاً ما في قضية تسليم مفتاح صنعاء للحوثيين عن طريق الوسيط أو الأب الروحي لهم، وهي إيران التي على ما يبدو أنها القلب الذي يسع الجميع من الرافضة الذين ينتشرون بصورة رهيبة وأشبه بالاحتلال كما يبدو ذلك في سوريا والعراق واليوم اليمن، ولا يمكن التنبؤ بحركة إيران القادمة أو على من سيكون الدور لتحتل أذناب إيران أرضه، رغم أن ما جرى في العراق منذ بداية الاحتلال الأميركي له درس لم ننتبه له، وبالأحرى لم نرد أن نتعلم منه في أن المد السرطاني لإيران كان يبدو أكبر من محاولة استيعابنا المحدود له، حيث يجد اليوم طريقه بسهولة إلى عمق أراضينا العربية، ولعل آخرها وليست الأخيرة فيها اليمن أساس العروبة والقبلية لنا المحتلة اليوم على مرأى ومسمع من جميع دول الخليج التي تقوم اليوم بمحاولات متواضعة للوقوف إلى جانب شرعية اليمن المتمثلة في عبد ربه وانتقال بعض سفاراتها إلى عدن وحث الرئيس اليمني على إعلان عدن العاصمة المؤقتة لبلاده لحين عودة صنعاء إلى دائرة الحكم الشرعي له ولحين ذلك فلا يمكن أن نسجل موقفاً خليجياً قوياً تجاه أزمة اليمن لأن علة اليمن ليس من قلة المؤيدين لشرعيتها ولكن بكثرة الخائنين فيها وهذا ما زعزع أركانها وجعلها تسقط بسهولة في يد الحوثي المتآمر علانية مع أطراف يمنية يترأس علي عبدالله صالح الرئيس السابق للبلاد الطرف الأكبر والأهم، والذي مهد الأمر للحوثيين ليستولوا على صنعاء ومحافظات اليمن الشمالية بهذه الصورة المفزعة تحت دواعي القضاء على إخوان اليمن وتنظيم القاعدة، وهو أمر لا يبرر لهم خيانة أهل السنة الذين ينتمون لهم بنصرة المذهب الشيعي والعمل على تشيع البلاد بتلك الصورة التي يحاول عبدالملك الحوثي اليوم على انتشاره في المدارس ومنابر الخطباء في المساجد، وعليه فإن تساهل عبد ربه منذ بداية عهده الذي بدا بعد تنحي علي عبدالله صالح على إثر المبادرة الخليجية التي كانت بمثابة الحصانة القوية له وجعلته أكثر تمدداً وتمرداً في البلاد وأوصلته إلى أن يكون رئيساً لليمن حتى وإن شرب عبد ربه المقلب وأصبح الرئيس الصوري الذي كان وحتى الأمس نائباً لعلي صالح ويعرف هذا الداهية كيف يفكر وإن تنحيه كان على مزاجه وبشروطه التي لم توافق قطر عليها وأعلنت خروجها عن رسم بنود الاتفاقية التي ضمنت لصالح القوة التي ظهر عليها اليوم من إعلان توافقه الشيطاني مع الحوثيين ودحر عبد ربه إلى عدن بعد فترة ليست بالقصيرة كان منصور فيها قيد الإقامة الجبرية في منزله، حتى استطاع وكما تقول الرواية في اليمن على ألسنة الجميع الفرار إلى عدن، وكأن الأمر بهذه السهولة التي يستطيعون فيها أن يخدعونا وأن كل الأمر هو ترتيب من الحوثيين في مساعدة هادي على اللجوء لمسقط رأسه في عدن وإعلان كل السيناريو الذي نقرأه اليوم ببلاهة ليس لعدم جودته أو رداءة الخط، ولكن لأننا بتنا في زمن لا يمكن فيه التغافل على الذكاء الذي تمتاز به الشعوب العربية في معرفة ما يجري حولها وربما كانت اليمن أحد هذه السيناريوهات التي فهمناها، لكننا ننادي بشرعيتها؛ لأن هادي وإن كان ممن أوصلوا البلاد إلى ما هي عليه، فهو بلا شك أفضل السيئيين الذي لا يجب أن يكون رجل المرحلة في تنهيض وإنهاض اليمن بعد تحريره إن شاء الله !
فاصلة أخيرة:
سقوط البوابة الجنوبية للجزيرة العربية لا يعني أننا فتحنا باباً على الخليج فحسب وإنما فرشنا لأعدائنا السجاد الأحمر ونثرناه بالورود ثم قلنا لهم : اسكنوا الدار فنحن مغادرون لها !
/الشرق القطرية/