رأي البيان
على مرجل التوتّر الأمني تغلي المنطقة من العراق إلى سوريا مروراً باليمن ومصر وليبيا، ومن سلمت من دولة من الحريق أصابها الشرر المتطاير من الجوار الملتهب فلا لبنان في مأمن من صراع الأسد ومعارضيه، ولا المغرب العربي مطمئن على أمن دوله بفعل الاضطراب الليبي، في مشهد زاد طينه بلّة غول الإرهاب الذي كشّر عن أنياب جارحة تتغذّى على الدماء.
لعل هذه الأوضاع الملتهبة تقتضي إجراءات جديدة تطوّق الإرهاب الذي أستأسد أخيراً مستغلّاً تراخي القبضة الأمنية لبعض الحكومات لاسيّما في دول الربيع العربي فوجد الملاذ فاستوطن وفرّخ وقضم أراضي من السلطات واستولى على ثروات بعض الدول من نفط أصبح يضخ عليه أموالاً طائلة، بما أوجد له دولة داخل دولة في بعض البلدان، أمرٌ يدق نواقيس الخطر من تمكّن المتطرّفين توسيع رقعة النفوذ واستقطاب إرهابيي العالم وخداع الشباب بخطاب ساذج لفرض ايدلوجيا ليست من الدين والإنسانية في شيء.
إنّ التحدّي الماثل الآن أكبر من مقدرة دولة مهما أوتيت من مقوّمات على مجابهته، إذ يبقى التوحّد ضرورة ملحّة بين دول المنطقة سواء على المستوى الأمني أو العسكري، بما يجعل من مقترح تشكيل قوّة عربية موحّدة أفضل الوسائل لمواجهة التنظيمات الإرهابية لاسيّما «داعش».
ولأنّها مواجهة طويلة ومعقّدة يبقى الخيار العسكري في الحرب على الإرهاب خياراً استراتيجياً لكنه ليس كافياً في الوقت نفسه للوصول إلى الهدف المنشود، إذ يبقى تحسين الاقتصاد نقطة مهمة للغاية، فضلاً عن خلق خطاب ديني موازٍ يفضح هشاشة رؤى المتطرّفين وبعدها عن صحيح الدين.
تخاذل المجتمع الدولي إلى حد كبير عن الوقوف مع دول المنطقة في مواجهة الإرهاب الذي تواجهه، فبخل بالدعمين العسكري والسياسي أيضاً على دول تريد الحفاظ على أمنها وسلامة مواطنيها، كما لم يقدّم يد العون لملايين اللاجئين الفارين من الجحيم. نعم .. هو واقع معقّد للغاية بما يجعل من الحلول معقّدة كذلك، لكن المؤكّد أنّ الحل العسكري في مواجهة الإرهاب يحتاج معينات أخرى تتكامل معه في القضاء على الظاهرة الخطيرة.