هاشم عبدالعزيز
الأحد الماضي التأم مجلس الأمن الدولي بشأن اليمن على إثر تداعيات إقدام جماعة الحوثي على القيام بانقلاب سياسي، وشمل ذلك وضع رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي ورئيس الحكومة وبعض الوزراء قيد الإقامة الجبرية والسيطرة على عدد غير قليل من المؤسسات الحكومية، وأسقطت سلطة الرئيس وحلت مجلس النواب وحددت فترة انتقالية لسنتين بترتيبات عديدة من بينها إنشاء مجلس وطني ومجلس رئاسة وهذا ما تضمنه الإعلان الدستوري عن هذا الانقلاب السياسي الذي أبقى الدستور القائم سارياً بما لا يتعارض وهذا ال"مولود" الدستوري الذي تم إعلانه .
لم يكن التئام المجلس هو الأول ولم يلتئم في شأن اليمن لأول مرة، لكن الجديد والجدير بالإشارة أن مجلس الأمن سجل في التئامه آنف الذكر سابقة توافق ما زال الوقت مبكراً لمعرفة أسبابها، هل هي عائدة إلى أن اليمن باتت تحت الوصاية الدولية بما يعني ذلك من مسؤولية هذه السلطة الدولية تجاه هذا البلد المعلق بين الأوضاع المأساوية في شتى المجالات من جهة وما بين الآمال أن تمضي العملية السياسية في الفترة الانتقالية باتجاه مستقبل اليمن الجديد؟ أم أن الأمر يعود إلى استشعار مخاطر انزلاق اليمن إلى المجهول؟
سابقة مجلس الأمن المشهودة يمكن إجمالها في مسألتين:
* الأولى: تناغم لا تنافر تداولات المندوبين، في إشارة واضحة وقوية إلى وحدة المجلس الذي حث الأطراف على العمل بجدية ومسؤولية عالية على الحيلولة لمنع "انزلاق" اليمن إلى حرب أهلية بعد أن أدت الأحداث والأعمال الأحادية إلى فراق سياسي ودستوري وأمني شامل في كل أرجاء البلاد .
وعبّر المندوبون في تداولاتهم عن انزعاجهم من الاستيلاء على المؤسسات الحكومية ووضع المسؤولين السياسيين للبلاد تحت الإقامة الجبرية، وكان لافتاً التأكيد من قبل المندوبين في مجلس الأمن على أهمية تحقيق الانتقال السياسي السلمي الشامل في ضوء المبادرة الخليجية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني اليمني واتفاق السلم والشراكة، التي اعتبرها المتداولون تمثل خطة خريطة طريق لعودة اليمن إلى طريق الأمن والاستقرار وهي القاعدة الأساسية لإطلاق مسيرة التنمية .
* الثانية: إجماع كافة أعضاء مجلس الأمن على القرار (2101) الذي يمكن القول إنه كان أكثر من شامل، وازنَ بين استنكاره وبشدة الإجراءات التي اتخذها الحوثيون بحل البرلمان والاستيلاء على المؤسسات الحكومية بما في ذلك أعمال العنف وإدانته الهجمات من قبل الحوثيين ضد المساكن الخاصة ودور العبادة والمدارس والمراكز الصحية والبنية التحتية والمعدات الطبية، ومطالبته الحوثيين سحب قواتهم من المؤسسات الحكومية وفي العاصمة والمدن الأخرى والإفراج الآمن عن جميع الأفراد تحت الإقامة الجبرية أو الاعتقال من جهة، ومن جهة ثانية دعوته لجميع الأطراف في اليمن إلى حل خلافاتهم من خلال الحوار والتشاور ونبذ أعمال العنف لتحقيق أهداف سياسية والامتناع عن الاستفزاز وجميع الإجراءات الأحادية الجانب التي تقوض عملية الانتقال السياسي، وكذا دعوته الالتزام بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ونتائج مؤتمر الحوار الوطني الشامل واتفاقية السلم والشراكة وملحقه الأمني والذي يوفر عملية انتقال ديمقراطي بقيادة يمنية .
ومع هذا العرض البسيط لحالة ونتائج اجتماع مجلس الأمن الأحد الماضي في شأن اليمن هناك الكثير من الملاحظات منها:
الملاحظة الأولى: دعا مجلس الأمن في قراره جميع الدول الأعضاء إلى الامتناع عن التدخل الخارجي الذي يسعى إلى إثارة النزاع وعدم الاستقرار وبدلاً من ذلك دعم الانتقال السياسي، والملاحظة أن الدعوة لم تحدد البلد المعرضة للتدخل الخارجي وإذا كانت اليمن فإن المتهافتين على التلاعب بشؤونها لا عد لهم ومنهم دول دائمة العضوية في مجلس الأمن فمن يطالب مجلس الأمن؟
الملاحظة الثانية: إذا كان مجلس الأمن كرس جهوده وبهذا التناغم في الرؤية والإجماع في القرار لمواجهة انقلاب الحوثيين السياسي غير المقبول الذي وجه ضربة لمبدأ الشراكة وهز الثقة بين الأطراف السياسية، فإن مجلس الأمن لم يواجه الأسباب التي أدت إلى هذا المنحى وهي عرقلة العملية السياسية الانتقالية، العرقلة لم تكن من رياح الخماسين بل من أطراف رافضة لعملية الانتقال بأوضاع البلاد وحياة العباد التي وصلت إلى غير احتمال .
في هذا الشأن كان مجلس الأمن هدد وندد وسمى بعض المعرقلين ولكن ماذا كانت النتيجة .
إن حث مجلس الأمن على حسن النية أقرب إلى تلطيف وتسطيح لما هو مطلوب من جميع الأطراف السياسية المنخرطة في العملية الانتقالية، فالمطلوب ليس نوايا حسنة وحسب بل مغادرة الحسابات والمصالح الخاصة وتجسيد التزاماتها بإرادة قوية واعية توفر آلية كفؤة وقادرة بصلاحيتها على إدارة عملية تنفيذ منظومة خطة خريطة طريق المبادرة الخليجية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني واتفاقية السلم والشراكة .
وهذا ما يفترض أن يعمل على إنجازه ممثل الأمين العام للأمم المتحدة إذا ما كان مجلس الأمن والمجتمع الدولي بأسره جاد لفعل شيء مفيد لليمن وأبنائها .
هاشم عبدالعزيز
/نقلا عن الخليج/