صادق ناشر

دفعت الأحداث الجارية في اليمن، التي طغت على مشاهد سيئة كثيرة في الوطن العربي، بخاصة أن مؤشرات الحرب الأهلية فيه تتعاظم مع مرور كل يوم، بالكثير إلى إطلاق النكات السياسية، والتي تعبر في مجملها عن وضع قائم يعيشه اليمن، ومن بين هذه النكات ما ملخصه يشير إلى أن الرئيس الصومالي حذر من "يمننة الصومال"، وهي الدولة التي كانت مضرب مثل في التمزق بعد انهيارها كدولة مطلع التسعينات عند سقوط نظام سياد بري .

واستخدم اليمنيون والعرب كذلك مصطلح "الصوملة" للتحذير من مآلات الصراع في بلدانهم، على شاكلة "البلقنة" و"العرقنة"، وجاء اليوم الدور على "اليمننة" في مؤشر على احتمالية أن تكون الحرب الأهلية في اليمن أكثر تجاوزاً ل "الصوملة"، قياساً بما يمتلكه الناس والقبائل والقوى المتصارعة من سلاح يفوق سلاح الدولة في بعض المناطق ذات التركيبة القبلية، وهو صراع يمتد ليشمل الشمال والجنوب على حد سواء . وأتذكر أن الرئيس السابق علي عبدالله صالح كان يستخدم "الصوملة" لتخويف خصومه السياسيين مما ينتظر البلد من كوارث في حال وقفوا في وجهه، وبرز ذلك في الانتخابات الرئاسية العام 2006 عندما شعر بخطورة فقدان كرسي الحكم، حينها قال مخاطباً الناخبين إما أن تنتخبوا الاستقرار والتنمية، ويقصد "إعادة انتخابه"، أو انتظروا "الصوملة والحرب من طاقة إلى طاقة"، أي من نافذة إلى نافذة، ويبدو أن نبوءة صالح تقترب من التحقق في ظل احتشاد كل مقومات الحرب الأهلية في بلد يتوفر فيه السلاح أكثر من لقمة الخبز .
تتسع مخاوف اليمنيين والعرب على اليمن من مصير مشابه للصومال والعراق وأكثر، نظراً للتطورات المتسارعة القادمة من هذا البلد الذي سيكون تشرذمه وانهياره انهياراً للأمن القومي العربي برمته، ولا بدّ من التحرك للجم هذا الانهيار حتى لا تصاب المنطقة كلها بعدوى التمزق والتفكك، فالسماح بانهيار اليمن يعني تسليم المنطقة كلها إلى المجهول .
هل يحتاج العرب إلى أكثر مما يحدث اليوم في اليمن لفهم المخاطر التي تحيط بأمنهم القومي وبمستقبلهم ومستقبل أجيالهم؟ هل ينتظرون أن يدخل اليمن في أتون حرب أهلية شاملة حتى يقتنعوا بضرورة التحرك لمنع هذا الانهيار؟
أمس كانت الصومال والعراق وسوريا وليبيا وغداً سيكون اليمن، وهي سلسلة من الانهيارات العربية التي لن تتوقف عند دولة طالما أن أعداء الأمة العربية يتربصون بها الدوائر، وقد حان الوقت لإنقاذ ما يمكن انقاذه حتى لا يأتي اليوم الذي يدرس فيه أحفادنا تاريخنا بدم ودموع .

/الخليج/