د . حسن مدن
العبارة أعلاه هي فحوى التحذير الذي أطلقه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، في إطار دعوته مجلس الأمن الدولي للتحرك لوقف انزلاق هذا البلد نحو الفوضى، متحدثاً عن "أزمة سياسية خطرة" و"توترات انفصالية متزايدة في جنوبي البلاد" و"أزمة إنسانية خطرة" تطال 16 مليون شخص . يضاف إلى هذا التوقيفات العشوائية لناشطي المجتمع المدني والمتظاهرين والصحفيين .
المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن جمال بن عمر قال إن العملية السياسية الانتقالية في اليمن "أصبحت في مهب الريح" . فالبلد بات على مفترق طرق، فإما أن ينزلق للحرب الأهلية وإما أن يعيد العملية السياسية إلى مسارها" .
الحوثيون يتحدثون ويتصرفون بذهنية المنتصر، وفي بلد مثل اليمن بتركيبته القبلية والمناطقية والسياسية المعقدة لا يمكن أن يكون فيه منتصر، النصر الحقيقي هو توافق ممثلي التكوينات المختلفة على كلمة سواء، تضمن لليمن وحدته، تعدديته، مساواة مواطنيه في الحقوق، توزيع ما لديه من ثروات بشكل عادل .
المنتصر، حين يكون واحداً أحداً، يحمل فشلاً مؤجلاً بعد حين يطول أو يقصر، وهذا ما ينطبق على الحوثيين، الذين انقضوا على السلطة في لحظة تهاوي الدولة، وتضافر المكائد على مستقبلها، ليفرضوا أمراً واقعاً على مجتمع متعدد الانتماءات والولاءات، المتجذرة عميقاً، ولا يمكن شطبها، حتى ولو بقوة السلاح .
والتحديات أمام اليمن كبيرة . نفوذ "القاعدة" هو أحد هذه التحديات . يتوهم الحوثيون حين يشيعون أنهم من سيقضي عليه . "القاعدة" الواحدة ستفرخ "قواعد" في ظروف الفوضى والتشظي الراهنة وغياب الإجماع الوطني، وكما وجدت "القاعدة" و"داعش" حواضن شعبية محلية لهما في مجتمعات عربية أخرى ناقمة على السلطات، أو محكومة بالشعور بالغبن والتهميش، فإن سلوك الحوثيين سيوفر ل"القاعدة" حواضن مشابهة في أجزاء كبيرة من اليمن .
يكرر الحوثيون خطيئة الإخوان المسلمين في مصر حين استعجلوا الاستحواذ على كامل مفاصل السلطة، ومؤسسات الدولة، لا بل وعلى كامل الفضاء المجتمعي، فكانت العاقبة المعروفة . "الإعلان الدستوري" الحوثي هو انقلاب على دستور البلاد، وعلى العملية السياسية الجارية فيها، إنه "تحرك من طرف واحد" و"خطوة أحادية الجانب" حسب وصف جمال بن عمر، لم يقبلها الداخل اليمني ولا جواره الإقليمي ولا المجتمع الدولي .
في حال استمرار هذا النهج سيتم تحويل اليمن إلى دولة فاشلة لا تختلف مآلاتها عن مالآت دول أخرى جرى ويجري تدميرها أمام الأعين .
/نقلا عن الخليج الاماراتية/