الأرشيف

دولة بلا رئيس

الأرشيف
الثلاثاء ، ١٠ فبراير ٢٠١٥ الساعة ١١:٢٣ صباحاً

فايز الفايز


العنوان أعلاه يحتمل التبديل، فقد أصبحت أي دولة عربية تفقد سيادتها هي مشروع قبيلة شاردة في صحراء هذا العالم، فلبنان الدولة العربية الأكثر نمطية سياسية والأكثر أحزابا والأكثر ديمقراطية نظرية لم تعد عليها هذه الكثرة إلا بالضياع في مفارق الطرق السياسية والولاءات الفرعية الداخلية والخارجية، لهذا نراها اليوم بلا رئيس منذ ثمانية أشهر وهذا خرق واضح للدستور واستهزاء بقيم الدولة، ليس من باب التبعية التي بات غض الطرف عنها عاديا بل بمبدأ قبول الشعب والعائلات السياسية العريقة والأحزاب وأهل الفكر والثقافة والتنوير والعسكر بهذه الفوضى الهادئة التي اعتاد لبنان عليها كلما عطس صديق أو حليف خارجي في وجوههم.

وكما هو حال لبنان الدولة بلا رئيس هو حال أي رئيس بلا دولة، كما هو حال الرئيس اليمني منصور هادي الذي وجد نفسه أو وضعها في موقف غياب الدولة، فانهارت كل مؤسسات الدولة وعلى رأسها الجيش ليقدم الجميع اليمن للحوثيين المطاردين على طبق من ذهب، دون أن يدرك الجميع أن اليمن قد ذهب فعلا من أيديهم، حتى لو شكل الحوثيون حكومة ورئاسة جديدة، فالطرق السياسية في اليمن وعرة جدا كما هي منحدرات جباله المتعرجة، وكذلك سيصبح لبنان إذا قرر السيد حسن نصر الله أن يعلن قيام دولته للحفاظ على لبنان الموحد القوي حسب شعارات كل المتسلقين على ظهر الدولة العربية في كل مكان، فالرئيس الضعيف يعني دولة بلا رئيس، وهذه كارثة.
الأمر في لبنان قد يختلف، بل هو مختلف عن بقية العالم العربي منذ نشأ، فهو،كما وصفه أحد النواب المخضرمين، ليس سوى شركة متعددة الجنسيات،وكل حزب أو كتلة سياسية معروف ارتباطها وتوجهاتها تبعا للدولة التي تقودهم، وهذا ما يشرح الفوضى السياسية في لبنان التي لا تقيم وزنا لما ينشده الشعب الذي ذاق شتى صنوف الويلات خلال القرن الماضي نتيجة التلاعب به من الخارج، حسب الولاءات السياسية والدينية والمذهبية للأحزاب الطائفية والطوائف السياسية، ورغم الحياة التي يشع ضياؤها في الشعب اللبناني،فإن لا أحد يكترث للواقع الكارثي الذي يعيش اللبنانيون فيه.
الطريف في الأمر أن الجميع قد اعتادوا على غياب سلطات الرئاسة في لبنان كما اعتادوا على ذلك في غيرها، فليبيا لا تزال بلا دولة ولا رئيس،ولا تزال المليشيات العسكرية تتناحر، بعدما كاد الليبيون يصنعون دولتهم على خطى مستقبل مشرق،قبل أن تدخل على الخط غايات ومطامع شخصية، لتفتح الباب لصراعات مدعومة من الخارج، أجهضت مشروع الدولة، وأعادت سلطة قديمة جديدة يقودها اللواء خليفة حفتر لدحر ما يسمونهم أعداء الوطن والإرهابيين،حتى بات البعض يتحسر على حكم القذافي.
إن غياب السلطة في العالم العربي لم يعد مستبعدا عن كثير من الدول التي تصمت كثيرا على أعداء الداخل الذين يشبهون دود البطن،إذ يتعايش الجسد معهم ثم إذا ما مات الجسد يأكله الدود، إنظروا إلى العراق كيف تحول من قوة عربية عظمى إلى مجرد مسرح دمى بيد إيران، وكيف عاثت المليشيات الطائفية قتلا وتشريدا وترويعا بكل من يخالفهم وحتى من لا يخالفهم إن لم يكونوا من طائفتهم خصوصا ضد أهل السنة، والحال غير بعيد في اليمن الذي قام الحوثيون بأكبر عملية قرصنة سياسية وسرقة سلطة الدولة والسطو على صلاحيات الرئاسة، وسجن أركان السلطة بمن فيهم الرئيس، وليس هناك من يهرع لإنقاذ البلاد من الخارج ولا حتى الداخل.
في المقابل نجد أن سوريا هي رئيس بلا دولة، وإن كانت هناك مؤسسات دولة فهي في حدودها الضيقة ضمن المناطق الغربية، فثلثي سوريا هي مناطق ساقطة جغرافيا وعسكريا في أيدي مليشيات طائفية وعرقية وقوات منشقة، فيما الجمر يتلظى تحت رماد قبة الرئاسة في دولة لا أحد يتكلم عنها حتى الآن في انتظار وفاة زعيمها المريض، أما فلسطين فالرئيس يعلم تماما أنه يحمل لقب رئيس فخري بلا سلطة ولا دولة، وهذا كله يجري ونحن ننادي فليحيا العرب.

 

/الشرق القطرية/

 

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)