سكينة المشيخص
بسيطرة الحوثيين على السلطة في اليمن، فإنهم في الواقع قاموا بقفزة واسعة في الظلام، وذلك لا يمكن توقع حدوثه بمعزل عن الطموحات الإيرانية، التي وصلت حد السفور بالسيطرة على أربع عواصم عربية، ما يكشف النيات التوسعية لإيران التي تستخدم مثل هذه الجماعات كمخالب لنهش أجساد الدول التي تشهد صراعات وفوضى، ما يضعنا أمام صورة نهائية وهي أن إيران كل المشكلة وليست جزءا من أي حلول في المنطقة.
استقواء الحوثيين بإيران لا يمكن أن يكون على حساب اليمنيين، ذلك خطر على المستقبل الوطني والسياسي في هذه الدولة، فالجماعة تمثل جزءا بسيطا من الخارطة الجغرافية والديموغرافية والسياسية في اليمن، وحملها للسلاح لا يفوضها أو يؤهلها للوصول إلى الحكم، وإنما يجعلها تغرق في مستنقع يفوق طاقتها ويعرضها للنيران المرتدة، وحينها لن يجدي معها التحفيز الإيراني الزائف للبقاء في السلطة بصورة قسرية واستبدادية.
وسوسة إيران لجماعة الحوثيين تحت أي غطاء أو مرجعية إنما تعمل في الواقع على إبعاد الجماعة من النسيج الوطني، وحدوث شروخ تاريخية في صلاتها بالمكونات اليمنية، والتاريخ لا ينسى، وهي حين تستقوي على اليمنيين في مرحلة متقلبة ومنهارة كالمرحلة الحالية، فإن نتائج ذلك تمتد سنوات ضوئية من المرارات والأحقاد التي تجعلها طائفة منبوذة وغير جديرة بالثقة، فتضيع حقوقها في المشاركة السلمية السلسة في العملية السياسية، وتدفع ثمن أخطاء إيران التوسعية في المنطقة.
للجماعة ارتكاز جغرافي محصور لا يمكنها أن تتقدم عنه، وهي ليست بحاجة إلى عزلة تضاف إلى عزلتها؛ بسبب سلوكها الطائفي.
ولذلك لنقل أنه لا يزال هناك ضوء في آخر النفق؛ لاعتماد حلول وفقا لاتفاق الشراكة والسلم، دون عمق إيراني، يجعلها تتراجع إلى قواعدها والمشاركة الموضوعية في الخروج باليمن من المتاهة الحالية. فالإعلان الدستوري لا يساوي قيمة الحبر الذي كتب به؛ لأنه ليس محل إجماع، وهو في الواقع تعزيز لفكرة الدولة الفاشلة التي وصلتها الجماعة بأدائها الفوضوي في البلاد.
من الضروري أن تحدث مخارجة إيرانية من عقل الجماعة، وتتعامل وفقا لحيثيات الواقع اليمني، الذي يمتد خليجيا وعربيا وليس إيرانيا، أو مذهبيا، وتغليب المصلحة في هذا السياق يتطلب إقصاء الإعلان الدستوري من العملية السياسية، وقبل ذلك إيران التي تعمل من أجل مصالحها على حساب الخراب في الدول التي تنشط فيها وتستغل وتستخدم مثل هذه الجماعات، وذلك أسوأ أشكال التدمير الذاتي لها ولآخرين هم الشعوب التي لا يربطها بإيران صلات مصلحة أو عمق مذهبي، ومن عدم الانصاف أن تدخلهم إيران محرقة من أجل انتصارات زائفة ومتوهمة.
/نقلا عن اليوم السعودية/