رأي المدينة
ما قام به الحوثيون عصر الجمعة الماضي من فرض سيطرتهم على الحكم، وفرض الإعلان الدستوري بحجة الفراغ السياسي على إثر استقالة الرئيس هادي والحكومة اليمنية، وحل مجلس النواب لا يعتبر انتهاكًا فاضحًا لبنود ونصوص اتفاق السلم، والشراكة الوطنية، وحسب وإنما أيضًا للمبادرة الخليجية ولمخرجات الحوار الوطني، ويعتبر في المحصلة نسفًا كاملاً للعملية السلمية التي شاركت فيها كافة القوى السياسية اليمنية، واستخفافًا بكل الجهود الوطنية والإقليمية والدولية التي سعت مخلصة للحفاظ على أمن اليمن واستقراره ووحدته وتحقيق تطلعات الشعب اليمني، ويكشف في ذات الوقت عن تفاصيل الخطة الشريرة التي تم إعدادها في طهران لتمكين الحوثي من الاستيلاء على السلطة في اليمن على مراحل بدءًا من صعدة قبل نحو أحد عشر عامًا، وانتهاءً بإقامة دولة اليمن الشيعية الموالية لإيران لتكون خنجرًا موجهًا لدول مجلس التعاون الخليجي وبؤرة إرهابية لتهديد أمن واستقرار المنطقة وأداة لتنفيذ المخطط الإيراني بإقامة ما يعرف بالهلال الشيعي.
لم يكن أحد ليتوقع قبل سبتمبر الماضي أن تحقق ميليشيا الحوثي انتصارات سهلة على الجيش اليمني وحاشد التي تعتبر أقوى القبائل اليمنية، لكن الموقف المتراخي الذي اتسم باللامبالاة والذي أبدته الأحزاب السياسية أثار التعجب والتساؤل أكثر، وما أثار الانتباه أكثر وقوف الرئيس السابق علي عبدالله صالح إلى جانب الحوثي، ودعمه له، ثم تغيير هذا الموقف بعد الإعلان الدستوري مباشرة بما يؤكّد على أن الحوثي أخلّ بما يمكن أن يكون اتفاقًا سريًّا بينهما لاقتسام كعكة السلطة. الواضح أيضًا أن الرئيس هادي أخطأ في رهانه على اندلاع نزاع طويل بين الحوثي وتنظيم القاعدة يشغل الحوثي عن المضي قدمًا في تقدمه نحو السيطرة على صنعاء.
بالرغم من كل ما سبق فإنه من غير المتوقع أن تستقر الأمور للحوثي؛ لأنه لن ينجح في كسب اعتراف إقليمي أو دولي بانقلابه باستثناء إيران، وبضعة دول لا تكاد تذكر. كما أنه من الصعب فرض سيطرته على كافة أنحاء اليمن، لعدة أسباب يأتي في مقدمتها استعصاء مأرب، والجنوب بسبب شدة المقاومة التي ستواجهه، وأيضًا لأن الغالبية العظمى من الشعب اليمني -بما في ذلك الشيعة الزيود- لا يؤيدونه، وهو ما يتمثل في المظاهرات والحشود الغفيرة في أنحاء البلاد التي تطالب بطردهم من صنعاء.