الأرشيف

حكومة بحاح ..تعاورتها الرماح

الأرشيف
الجمعة ، ٠٦ فبراير ٢٠١٥ الساعة ١٢:٤١ صباحاً

رحاب عبدالله


المواطن الذي سينعم بتحقق مواطنته هو ذات المواطن الذي سيسعى إلى تعمير أرضه وبناء مجتمعه وإصلاح شأنه والقضاء على من يعبث بأمنه وهو ذات المواطن الذي سيكرم الزائر القادم إلى أرضه وسيحرص على أن يعكس صورة مشرفة عن وطنه حين يكون خارج حدوده .
الوطنية إذن هي الدافع القوي للسلوك السوي الذي ينتهجه الفرد منا على أرضه وخارجها، ولكي يتعمق الشعور بها ويتعزز الإحساس بوجودها لابد من أن تتجسد في أعماق المواطن عبر حصوله على كافة حقوقه ومن خلال قدرته على ممارسة حريته الفردية في إطارها الصحيح، فالمواطن الذي ينعم بالحد المقبول من الحياة الكريمة والعيشة السوية والذي يتمكن من ممارسة حريته والتعبيرعن آرائه دون خوف المطاردة أو خشية الملاحقة والذي يشارك مشاركة حقة في صناعة القرارات السياسية وتعيين من ينوبون عنه في إدارة البلاد وتحقيق مصالح العباد دون تزييف أو مغالطات أوتلاعب بالنتائج لايمكنه إلا أن يكون مواطنا صالحا جديرا بما حصل عليه من مكاسب وماتحقق له من إنجازات.
غير أن هذا كله لن يحدث إلا من خلال حكومة مخلصة لشعبها ووطنها،واعية بالدور الحقيقي المنوط بها، مدركة حجم التحديات التي تحيط بالوطن، مستوعبة مقدرات هذا الشعب متى أتيحت له الفرصة كي ينهض ويعمر أرضه.
حكومة كهذه لابد أن يكون القائمون عليها فئة واعية تحمل صدورا وطنية وعقولا مستنيرة وطموحات سامية ترتقي بالمواطن وتحقق له الحياة الكريمة المنشودة، وفي وجود حكومة كهذه يتحول المنصب الرئاسي إلى منصب شرفي يمثل البلد كواجهة لها احترامها وتقديرها لكنه بالمقابل لايمتلك النفوذ الذي يمكنه من الانفراد بالحكم واتخاذ القرارات التي قد لاتصب إلا في مصلحة المنتفعين من بطانته.
وبما أننا في اليمن اعتدنا ومنذ أمد طويل على حكومة الشطرنج التي يتم فيها تبادل المناصب الحكومية عبر قرارات رئاسية تتبدل من خلالها المواقع مع احتفاظ القطع بامتيازاتها ومغانمها ومصالحها، لم تتحقق الفائدة من وجودها ولم ينتفع الشعب بها فالوجوه التي تصدت لخيرات الأرض سلبا ونهبا لاتتغير والأيادي التي اعتادت على تسلم الموارد الداخلية و المعونات الخارجية وتكديسها في الحسابات الخاصة لأصحابها لم يُستغنى عنها وماكان ليتم الاستغناء عنها وهي الضامن الوحيد لبقاء الفساد على سدة الحكم.
الفساد إذن والولاء للخارج على حساب مصالح الوطن والشعب والإنفراد بالحكم والتفرد بالسلطة ومصادرة الحقوق والحريات وإسكات الأصوات المعارضة بل وتغييبها دون محاسبة أو محاكمة كل هذا يتطلب حكومة ضعيفة كتلك التي اعتدنا عليها طوال العقود الماضية.
ولأن الحكومة الأخيرة جاءت بدماء جديدة تحمل الكثير من الرغبات الوطنية الصادقة للخروج بالوطن من أزمته وتعويض المواطن الصابر خيرا، خافها المتنفذون وهددت عروش السابقين فما ستنجزه هذه الحكومة ستجعل الشعب يلتف حولها ويقارن بين الماضي القريب والحاضرفيدرك حجم ماقام به الأولون وبشاعة مااقترفوه في حقه لذلك كان لابد من التخلص منها تحت أي شعار فالشعارات لم تعد مهمة بعد أن أصبحت تباع على الأرصفة .
القضية إذن ليست قضية رئيس جُرد من صلاحياته وانفض الجيش من حوله والذي لم يحمل الكثير من قادته الولاء لشعبهم وأرضهم وإنما حملوه لرجلهم الذي وضعهم في تلك المناصب ليأكلوا ويشربوا دون أن يقوموا يوما بدور حقيقي في الدفاع عن أرض الوطن، القضية الحقيقية هي الحكومة الجيدة التي كان يمكن لها أن تلاحق الفساد والمفسدين وأن تعري العورات (المكشوفة أصلا إلا لمن اختار العمى سبيلا) وأن تبدأ في خطوات جادة للقضاء على الثالوث المدمر الفقر والجهل والمرض و أن تُعيد للقضاء هيبته وتطهره من زمرة الفاسدين والمفسدين الذين تحولوا إلى قضاة الدينار و التي كان من الممكن أن تنجز خطوات جبارة لمصلحة الوطن والمواطن، لكن الإرادات العليا وكعادتها لاترغب في أن ينعم الجميع ولاتريد لليمن أن ترفع رأسها بتحقيقها لنموذج عربي مشرف فكل هذا يتعارض مع مصالحها ويتضارب مع مخططاتها فكان لابد لحكومة بحاح أن تسقط تحت أسنة رماحهم لينتصر الصوت الأقوى الصوت العاري من كل القيم الوطنية والذي لايحمل في أعماقه سوى رغبة شرهة للسيادة والتحكم حتى لو كان ذلك على حساب وطن عظيم وشعب كريم..

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)