الأرشيف

المشهد اليمني وتداعياته

الأرشيف
الجمعة ، ٣٠ يناير ٢٠١٥ الساعة ١٠:٠٢ مساءً

حسين شبكشي


داعيات المشهد اليمني تتخبط بين المخيف والسوريالي، اليمن يخرج عن السيطرة ويتحول إلى كرة لهب حارة تهدد اليمن نفسه ومن حوله.
اليمن اليوم يتجه أمام خيار التفتيت الكامل الذي قد يسفر عن حرب أهلية كاملة وشاملة تتضمن كافة المناطق وكافة الأطياف المكونة لليمن، أو تفتيت وتجزئة وتقسيم المناطق في اليمن بحسب النفوذ القبلي والطائفي والمذهبي وهو سيكون تقسيما أشد حدة وقوة من مجرد تقسيم جغرافي، كما كان قديما مبنيا على الشمال والجنوب فقط. المشهد اليمني اليوم تعقد بشكل أعمق ودرامي وأصبح التدخل الخارجي هو سيد المشهد بامتياز. فحراك جماعة «الحوثيين» لم يكن أن يكتب له الحضور «العريض» و«القوي» هذا، إلا بدعم استثنائي من الخارج وتحديدا من إيران، وجهازها الاستخباراتي الثوري، وكذلك عما قيل عن علي عبد الله صالح من أنه قبل أن يترك السلطة سلم سلاحا وعتادا عسكريا للواءين في منطقة صعدة، كانت النواة لأن ينقلب حال الحوثيين من قوة مطاردة إلى قوة مؤثرة وفعالة.


إيران ترغب في «ضم» منطقة جديدة في خريطة العالم العربي ضمن مشروع بسط نفوذها الجغرافي المسمى برنامج تصدير الثورة، وهي مسألة لا تخفيها إيران، وعلى الجانب الآخر علي عبد الله صالح يرغب في إعادة اسمه الذي تعرض لهزات وزلازل بعد إخراجه من الحكم، ولكنه يدرك تماما أن عودته هو شخصيا مسألة هي أشبه بالمستحيلة، وبالتالي هو الآن يخطط للفوز بمنصب رئاسة اليمن، ولكن لصالح ابنه أحمد (وهو الذي كان يعده من قبل لمشروع توريث رئاسي) وهو يعتقد أنه إذا ما تحقق ذلك سيكون أعذب وألذ انتقاما لمن أسقطه من سدة الحكم.


اليمن تحول إلى خلطة موحشة من الغموض والجهل والعنف والمؤامرة، حراك طائفي بقيادة رجل دين متطرف أحاط «دعوته» بالسلاح وتعاون مع من هم مختلفون معه 180 درجة عقائديا (الحوثيون هم أتباع المذهب الزيدي وهم على خلاف شديد جدا مع المذهب الإمامي الاثني عشري الذي تتبعه إيران) وهي مسألة أقل ما يقال عنها إنها تدعو للقلق والشك والريبة والخوف من مقصد هذا الاتفاق الذي تسقط عنه إمكانية وصفه بالبريء.
اليمن اليوم يشهد «صعودا» هائلا لأصوات التقسيم، فاليوم أصوات المناطق وأصوات الطوائف وأصوات المذاهب وأصوات القبائل باتت هي الأعلى، وذلك على حساب صوت الوحدة والوطن، وهو الذي يدعم مسار الانفصال والتفتيت والتجزئة والتقسيم.


هناك ملامح واضحة منذ فترة ليست بالقصيرة تؤكد انهيار مفهوم «الدولة» واستبدالها بالسلطات المحلية وهي سلطات تتبع بشكل واضح لقوى أخرى غير التي يعتمد عليها في إدارات الدولة، وهي «عودة» هائلة لمنظومة حكم قديمة، حيث الاعتماد على عناصر لها علاقة بالجاه والمال والقبيلة ومع هذه المنظومة يدخل اليمن في دوائر ظلامية فيما يتعلق بالأمن والاقتصاد، فكل شيء يصبح في مهب الريح وهي مسائل تفتح المجال لحكم العصابات و«احتلال» حقول النفط والمنافذ الحدودية بقوة السلاح، مما يعني مزيدا من التدهور والانحدار من دون التقليل أبدا من سيناريو حرب طائفية عقائدية مفتوحة بين التطرف الشيعي والتطرف السني، وهما طرفان بات لهما حضور دموي إجرامي إرهابي في اليمن لا يمكن إنكاره ولا التقليل من شأنه أبدا.


إرهاب التطرف الخارج من اليمن بات مصدر تهديد صريح لدول أخرى لوحظ ذلك بعد اعتداء الإرهابيين الأخير في باريس، والذي تبنته منظمة القاعدة الإرهابية الموجود فرعها في اليمن، وكذلك الآن بالنسبة لاعتداءات جماعة الحوثيين على النقاط الحدودية السعودية في مرات مختلفة.
عندما أطلق العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني ذات يوم تهديده وتحذيره الشهير عن الهلال الفارسي، الذي يتكون في شمال الجزيرة العربية من العراق مرورا بسوريا ولبنان لم ينتبه أحد إلى «هذا الاختراق» الذي كانت إيران تهتم بتشكيله في اليمن ليصبح تهديدا لا يقل خطورة عن الهلال المعني شمالا.

 

/الشرق الاوسط/

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)