أحمد الجارالله/ افتتاحية السياسة
موقف الرئيس المستقيل عبدربه منصور هادي, وإصراره على الاستقالة يعتبر, في المعايير كافة, رفضا مطلقا وعلنيا للاحتلال الايراني المقنع بقناع الحوثيين, ففي شجاعته المعهودة واجه كل الخطوات التي تشرعن الاحتلال وتجعله أمرا واقعا, كما أنه قلب الطاولة على جماعة”أنصار الله” إخوان “حزب الله” ووضعهم بمواجهة مباشرة مع الشعب, ما يعني ان الخاصرة الرخوة في هذه المنطقة لن تكون رأس جسر لايران تنطلق منها للهيمنة على باب المندب والجزيرة العربية ودول الخليج كافة.
ان الطبيعة الاجتماعية والقبلية والسياسية اليمنية تختلف عن كثير من الدول العربية, وما ينتظر جماعة الحوثي في المرحلة المقبلة سيكون شبيها بالشكل مع ما حدث لـ”الاخوان” في مصر, لكنه في المضمون أكثر شراسة, فاليمنيون لن يسمحوا لمن باعوا وطنهم ان يقدموا بلادهم على طبق من دم وجماجم الى ايران, ولن يقبلوا ان يدخلوا تحت نير الاحتلال, أي احتلال, مهما كانت هويته.
لن يستطيع الحوثيون السيطرة على اليمن مهما فعلوا وقتلوا, فهم بالاضافة الى كونهم قلة في مواجهة الكثرة الشعبية, أتوا من المنكرات والموبقات التي لا يمكن لأي عاقل في اليمن القبول بها, وهم أيضاً من زرع بين غالبية الشعب بذور نبذهم ورفض سياستهم وارتباطاتهم مع شياطين الفتن والتفرقة الساعين الى هدم وتفكيك العالم العربي وجعله دويلات يسهل التحكم بها, ولأن كل من يستعين بالشيطان للهيمنة على بلاده نهايته السقوط في الجحيم, وسيكون مصيرهم كمصير “الاخوان” في مصر الذين أسقطهم الطوفان الشعبي مع شياطينهم, وكذلك السيل اليمني العرم سيسقط الحوثيين مع شياطينهم, سواء كانت ايرانية او غيرها ممن عملت طوال العقود الماضية على زرع ميليشيات القتل والتهجير في العديد من الدول العربية.
إصرار الرئيس عبدربه منصور هادي ورئيس الوزراء على استقالتهما وعدم رضوخهما لشروط عصابة عبدالملك الحوثي الذين هللوا لهذه الاستقالة فور إعلانها, فيما استمروا بمحاصرة مقر الرئاسة, لهو دليل على ان هذه الخطوة بداية مقاومة أطلقها هادي, قضت مضاجعهم وافشلت كل مخططهم, كما نزعت الشرعية عن أي إجراء أقدم عليه الحوثيون الذين لجأوا الى إطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين في محاولة يائسة منهم لمنع توسع رقعة المقاومة ضدهم.
لن يستطيع هؤلاء فرض ارادتهم على الشعب اليمني, فاذا كان المصريون استأصلوا الارهاب “الاخواني” في غضون أيام قليلة, فان الشعب اليمني أيضا سيستأصل الارهاب الحوثي في فترة وجيزة, وبذلك تكون هذه الأمة قد بدأت شق طريقها الى التخلص من أدران الانقلابيين والتوسعيين, وكل الجماعات الارهابية التي أرقت العالم العربي, بل العالم, في العقدين الماضيين, وحاولت رد الأمة الى القرون الوسطى.
تمسك الرئيس عبدربه منصور هادي باستقالته لا يضرب المخطط الحوثي بمقتل فقط, بل إنه يحول دون جعل اليمن صومالا آخر يصدر الى الجزيرة العربية والخليج كافة إرهابه.