كشفت اليومين الأخيرين في عدن مالم يكن بحاجة إلى كشف، فمن جاء لاستعادة الشرعية في الشمال هو من يسقطها في الجنوب.
أمام هذه التطورات المتلاحقة التي وضعت الشرعية في مرمى الخطر، يصبح السؤال أكثر إلحاحا: كيف تتصرف النخب الشمالية التي أستدرجت إلى شرعية منقوصة في مواجهة هذا الوضع الشاذ؟
هل تستطيع النخب الشمالية أن تطرح أسئلة حقيقية عن المسؤلين عن هذا المسلسل المخزي من التعرض لشرعية لم يبق شيء من كرامتها لم يمتهن؟
لست بحاجة للقول إن مسؤلين سياسيين شماليين يتحملون المسؤلية عن هذا الوضع الشاذ الذي وصلت إليه الشرعية من تواطؤ مع هادي لحماية مصالحهم. عندما تغرق الشرعية تصبح القيامة أكثر صعوبة ويشتد إلحاح السؤال: من الذي سيكون المنقذ؟ وبأي شروط؟
أما آن الأوان لهذه النخب أن تغادر عواطفها الوحدوية بعد أن خسرت كل شيء تحت علم الوحدة؟ ماذا بقي من الشرعية؟ لم يبق لكم سوى صورة هادي الذي دمر البلاد كل البلاد بسبب حماقتكم يوم انقلبتم على الإرادة الشعبية ومددتم له في الجلوس على كرسي الرئاسة.
المجزرة مستمرة ولا نهاية واضحة لذلك. البلاد غارقة في الدماء. الناس يقتلون بعضهم بعضا من دون رادع. أقول لنفسي وأنا في المنفى، مالذي زرعناه كي نحصد كل هذا الموت والتهجير والذل؟ مالذي فعلناه كي نكافأ بهادي؟ مالذي قمنا به من أجل أن تراق دماؤنا وتجري في الشوارع وفي قنوات الصرف الصحي؟
مالذي فعلناه كي يكتب على الناجين من أن يعيشوا ما تبقى من أعمارهم غارقين في الحزن والمرارة والخيبة في محيط لا يسمعهم ولا يهتم لشأنهم؟ ماذا نطلب من العالم كي يتوقف الموت؟
والإجابة تقول إن الذين مددوا لهادي هم السبب المباشر والرئيسي في هذا الخراب العام، كل ما حدث ويحدث هو نتيجة مباشرة لأولئك الذين انقلبوا على شرعية النظام. ما الذي بقي لهؤلاء لكي يدافعوا على بقاء شرعية هادي؟ أسأل نفسي والجواب لاشيء..حتى العلم الذي قال هادي سيرفعه في صعدة لم يعد موجود..لم يبق لنا سوى صورة هادي الذي دمر البلاد كل البلاد.
وعلى هذا الأساس لابد أن تنتقل شرعية الدولة إلى الشماليين لكي يخوضوا حوار مع الإخوة في الجنوب الذين حددوا خياراتهم لكي نتمكن من مواجهة عصابة الحوثي الإرهابية واستعادة الدولة.
لم يعد لهادي أي حاجة للتربع على السلطة، فالأخوة في الجنوب استعادوا سلطتهم على الجنوب. ونحن لا نقبل أن يكون الجنوب للجنوبيين والشمال لكل اليمنيين. وليس من المعقول أن تظل الوزارات بيد الجنوبيين لإدارة الشمال.
أدعو النخب الشمالية إلى إجتماع عاجل بكل إنتماءاتهم لتشكيل حكومة شمالية لمواجهة العصابة الحوثية الإرهابية واستعادة الدولة المختطفة.
أليست التحديات هي التي تحدد ماهي الحلول؟