١/ أن مشروع التمدد الايراني في اليمن والسيطرة على المداخل الاستراتيجية للبحر الأحمر قد فشل فشلاً ذريعاً ، لكن معاودة التفكير بذلك المشروع يتوقف على طبيعة التسوية التي ستتوقف أو ستنتهي بها الحرب . وبين التوقف والإنتهاء تاريخ من المغالطة التي نتج عنها استمرار الحروب .
٢/ اليمن مهمة بالنسبة للمشروع الايراني وذات حيوية خاصة سواء بذاته، أو من حيث موقعها الاستراتيجي وقربها من الشواطئ الإفريقية الشرقية ، حيث يدور صراع قديم في هذه الجزء الحيوي من المحيط الهندي وبحر العرب أصبحت إيران جزءاً منه بفعل الفراغ الذي أحدثه الانسحاب الجزئي للقوى الكبرى ، ويمكن القول اليوم إن سياسة إيران بجعل اليمن قاعدة للتمدد في أفريقيا قد فشل هو الآخر وسقط من حسابها ، وستعمل بكل السبل على أن يكون السقوط مؤقتاً بالاعتماد أيضاً على التسوية التي إما أن تجعله سقوطاً نهائياً أو أن تبقي على شقوق يتسلل منها منها حلم العودة بروافع أكثر دموية .
٣/ تحمل اليمن وشعب اليمن عواقب إفشال المشروع الايراني وتعرض لخراب مهول ، وعانى شعبة كارثة لم يشهد لها التاريخ الحديث مثيلاً في المنطقة ، ويسجل بهذا أنه البلد الذي تتأصل فيه الحقائق التاريخية المنشئة لواقع الاستقرار الذي تتطلع إليه المنطقة بعيداً عن الاستقطابات المربكة لأمنها وسلامتها .
٤/ يتحمل الحوثيون ومعهم الرئيس السابق صالح مسئولية جلب هذا المشروع الكارثة إلى اليمن وكل ما قاد إليه من دمار وخراب ، بعد أن كان اليمنيون قد غادروا مشاغبات الماضي بشأن بناء الدولة واتفقوا على صيغة توافقية تضع اليمن على طريق المستقبل .
٥/ التحالف ممثلاً خاصة بالاشقاء المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة وقفا إلى جانب اليمن وشرعيته الدستورية في تصديه لهذا المشروع ، مدركين ما سيترتب عليه من تغيرات استراتيجية سياسية وأمنية وثقافية في المنطقة كلها تعيد بناء المعادلات برمتها لصالح هيمنة شوفينية يجسدها نظام لم يستطع أن يغادر هذه الثقافة ، بل قام بتكريسها بهوية طائفية خطيرة على النسيج الاجتماعي بين شعوب المنطقة ، وكان عليهما أن تتحملا إلى جانب اليمن عبء التصدي لهذا المشروع الكارثي .
٦/ إفشال المشروع وقطع دابره على هذا النحو أربك حسابات النظام الإيراني وحلفائه مما دفعهم إلى المناورة بإطالة أمد الحرب ، وبالحديث عن تسوية سياسية لا تنهي الحرب بل تبقي على المشروع كطرف في معادلة هذه التسوية تحيناً لفرص أخرى . وحتى لا يبدو أنهم يستعجلون هذه التسوية ، فقد راحوا يناورون بمنطق مراوغ عن حقيقة الصراع الذي يتجلى في الاساس بين مشروع وطني أجمع عليه كل اليمنيين ومشروع خارجي مستولد من رحم المشروع التوسعي الايراني . تكمن المراوغة بوضع المملكة العربية السعودية كطرف في مواجهة " اليمن" ، ولتأكيد منطقهم هذا فهم يوجهون إليها يومياً الصورايخ الباليستية الايرانية الصنع والتطوير تمشياً مع سياستهم بإطالة أمد الحرب وتمويه أسبابها ، أو لفرض منطق التسوية الذي يناورون به .
٧/ إن إسقاط هذا المشروع بصورة لا تسمح بعودته من جديد يجب أن يتجسد في إدانة التدخل الايراني في اليمن ، فلم يعد من المقبول القول إنه لا يوجد ما يدلل مادياً على مثل هذا التدخل . تسويق هذا المنطق هو اللامنطق بعينه بعد كل هذه الشواهد التي جعلت من بلدنا وشعبنا هدفاً لنزعة شوفينية وطائفية لنظام مؤذي ومغامر .
٨/ مكونات الشرعية الدستورية التي تنضوي في إطارها الحكومة والأحزاب والقوى السياسية والمدنية وشرعيات المقاومة بقيادة الرئيس هادي لا بد أن تستعيد مبادرتها في التصدي أولا لكل ما يجمعها على قاعدة استراتيجية موحدة وخطة شاملة تضع بموجبها رؤيا العمل الموحد على كافة الأصعدة ، بعيداً عن الحسابات التي أثبتت أنها تعمل على نقيض كامل مع شروط الانتصار واستعادة الدولة وحل مشكلة الجنوب حلاً يرتضيه أهل الجنوب ، ولا بد من الصراحة في نقد الأخطاء والنواقص وتصحيحها ، بدلاً من الغرق في تفاصيل المشكلات أو الأخطاء التي لا بد وأن تبرز لدى كل من يعمل . وفيما عدا الفساد بأي صيغة كان ، فإن الأخطاء يمكن تصحيحها . الوضع القائم يجمع بين الدولة والمقاومة في صيغة تكوينات سياسية وقانونية وشعبية وعسكرية لها خصوصيتها التي تتطلب إدارة مرنة ودينامية لا بد أن تؤثر فيه ثوروية المقاومة على بيروقراطية السلطة ، وترشد فيه أدوات السلطة أداء المقاومة ..وهذا دواليك في عملية متواصلة ومتصلة الأجزاء وفقاً لديناميات الفعل الذي تحركه أهداف وطنية كبرى.
٩/ نكرر ، وسنظل نكرر ، أن العلاقة مع التحالف في صدارة المسائل التي يجب بحثها بجدية . ويجب أن تبحث في إطار استراتيجي من حيث الرؤيا والموضوعات ومستوى البحث ، فذلك هو المستوى الذي يمكن أن يتم فيه تجاوز المشكلات التي ترتبت على أسلوب إدارة التحالف وموضوعاته المتشعبة ، والرد على الأسئلة التي تتعلق بالمستقبل .