قتيلان في مأرب: واحد من الأمن والآخر من المحتجين، الذين تجمعوا اليوم أمام مبنى المحافظة احتجاجاً على بعض التعيينات في المحافظة من خارجها، أو من خارج إقليم سبأ.
أقول باختصار:
أولاً: مأرب فيها أغلب قيادات الدولة والنازحين، وبالتالي يجب أن تكون مفتوحة لكل اليمنيين، ومأرب لا تفعل ذلك منة أو تفضلاً، ولكنه واجبها الذي حمَّلتها إياه جغرافيا قوية وتاريخ مهيب. ومع ذلك، يجب مراعاة تضحيات أبناء مأرب في مواجهة الحوثيين قبل وبعد تدخل قوات التحالف العربي، في كل ما يخص التعيينات في المحافظة.
ثانياً: ينبغي أن يكون هناك نوع من التوازن في التعيينات من خارج المحافظة ومن داخلها، بشكل يلبي الاحتياجات ويرضي جميع الأطراف.
ثالثاً: بالنسبة للذين يريدون تطبيق مخرجات الحوار الوطني، وحصر التعيينات في أبناء الأقاليم، عليهم أن يعرفوا أن "الدستور الفدرالي" لم يُقرَّ بعد باستفتاء شعبي، وحتى يتم إقرار الدستور فإن المعمول به الآن هو الدستور الحالي للجمهورية اليمنية، دون أن يعني ذلك عدم مراعاة بعض الحساسيات الموجودة في المحافظة.
رابعاً: تعيين مدير أمن المحافظة ليس من اختصاص المحافظ، بل من اختصاص وزير الداخلية، حسب علمي.
خامساً: على الرغم من أنني لا أعرف حقيقة من هو الطرف المتسبب بإطلاق النار اليوم، وهل هو الأمن أم المحتجون، إلا أن إدخال السلاح إلى مكان الاحتجاج خطأ.
سادساً: أعتقد أن تعيين الأخ عبدالملك المداني خطأ، ليس لشخص المداني نفسه، ولا لخلفيته، ولكن لأن هناك بعض الحساسيات في المحافظة كان يجب أن تراعى في هذه المرحلة الحساسة.
سابعاً: ومع أن التعيين خطأ، إلا أنه يجب البحث في حلول أخرى للاستماع لطلبات المحتجين، غير إقالة المداني، لأنه إذا كان التعيين خطأ، فإن الإقالة ربما تكون خطأ لا يتناسب ومحاولات فرض هيبة الدولة الآن، وفي الوقت نفسه، يجب إقالة المداني ومحاسبته إذا ثبت أن له علاقة بما حدث اليوم.
ثامناً: كما هو الشأن في أي حادث أمني، فإن كلاً ينظر إليه من زاويته الحزبية والسياسية وخلفيته الآيديولوجية، ولذا أعتقد أن بعض الأطراف تحاول استغلال الحدث للإساءة للأمن في مأرب وللمحافظ، وهذا مفهوم في إطار المناكفات الحزبية، أما الانقلابيون الذين يمنعون التظاهر تماماً في مناطقهم، فيروقهم أن يدينوا "جريمة المرتزقة" ضد المحتجين اليوم في مأرب، ناسين أن هؤلاء المحتجين قاتلوا الحوثيين في كل المواقع، ولا يزالون.
تاسعاً: هناك حملة منظمة تستهدف محافظة مأرب بعد أن استطاعت هذه المحافظة تجاوز "تنميطات الماضي" عنها، وبعد أن أثبتت أنها "حاضنة الجمهورية"، وملاذها الأخير، إثر سقوط جميع مدن الجمهورية في قبضة "الإماميين الجدد"، وعلى أبناء المحافظة تقع مسؤولية الحفاظ على رمزية مأرب في نفوس اليمنيين اليوم.
عاشراً: على أبناء المحافظة أن يعلموا أن مأرب ليست لهم وحدهم، ولكنها لكل اليمنيين، وأن كل يمني من غير أهل مأرب يعيش فيها، إنما يعيش في محافظته وبين أهله وشعبه، وعليهم أن يكونوا على المستوى ذاته من البسالة في مواجهة استحقاقات المرحلة، كما هي بسالتهم أثناء مرحلة مقاومة الحوثيين، وعليهم أن يعلموا أن إخوتهم النازحين من المناطق الأخرى مثلما استفادوا من المحافظة واحتموا بها، فإنهم أفادوها ودافعوا عنها في الوقت نفسه.
همسات:
أولاً: ينبغي فتح أبواب المحافظة والمسؤولين فيها لتلافي الاحتقانات، والاستماع للشكاوى من كل الأطراف، بما يحافظ على منجزات اليمن، ومكتسبات مأرب بالتحديد.
ثانياً: على الذين ينظرون إلى مأرب على أساس أنها ملك للإصلاح، ويهاجمونها على هذا الأساس أن يعلموا أن كل الأحزاب السياسية موجودة فيها، فليصفوا خصوماتهم مع الإصلاح في ساحات أخرى، لأن طبيعة مجتمع مأرب تقدم الرباط الاجتماعي على الحزبي.
أخيراً: "مأرب حاضنة الجمهورية"، وسند الضعفاء، ومدد المقاومة، وعضد الشرعية، ولن تكون إلا كذلك. هذه صورتها البهية، وهذا قدرها الأروع.
رحم الله شهداءها وحفظ أبناءها من كيد الكائدين...