إدعاء الخلاف مع جماعة الحوثي ، هي اللعبة الجديدة للرئيس السابق علي عبدالله صالح ، ويروم من خلال هذه اللعبة ممارسة سيناريو خداعي سياسي جديد يحقق من خلاله عدة اهداف في مرمى الشرعية ودول التحالف في ميدان المعركة التي تدور رحاها حالياً ، فانتقال خطاب صالح من مرحلة التصريح بتحالفه مع الجماعة الحوثية وتصالحه معهم واصدار بيانات تدعي لوحدة صف الانقلاب ورفض اي مماحكات بين انصار صالح وجماعة الحوثي إلى مرحلة ادعاء الخلاف مع الحوثية والتصريح بموعد انتهاء التحالف معهم يحمل عدة اهداف ومغازي سياسية رسمها الطرفان الحوثي وصالح واتفقا عليها ، وسأذكر هنا خمسة اهداف لتحول خطاب صالح الذي يعتبر سيناريو جديد يمثل فيه عدة مشاهد خداعية .
الهدف الأول : محاولة اعاقة توحد صفوف الشرعية
فالنضج العقلاني والتوجه الجاد لدى اطراف الشرعية وانصارها نحو توحيد صفوف لمواجهة الانقلاب جعل صالح يبحث عن طريقة يحاول من خلالها عدم الحصول على الاستدلال بوحدة اطراف الانقلاب ، فوحدة صالح مع الحوثي في صف الانقلاب وعدم السماح لأي عامل يفرق صفهم تعتبر دليل كافي تجعل كل انصار الشرعية يوحدوا صفوفهم ويلموا شملهم ، فالانقلاب الموحد لن تواجهه الا شرعية موحدة ، بالاضافة إلى محاولة صالح لكسب عدة اطراف داخل الشرعية ، وتلك الاطراف كانت مع صالح واختلفت معه بسبب تحالفه مع الحوثي ، وعندما يدعي صالح الخلاف مع الحوثي فهو يسعى لمحاولة استعادة اطراف وقفت ضده ليمرر من خلالها عدة اوراق يستطيع ان يلعب بها في الواقع السياسي .
الهدف الثاني : تبادل ادوار المغازلة السياسية بين طرفي الانقلاب
فقبل فترة اتفق صالح وجماعة الحوثي على ان تقوم الاخيرة بفتح خط سياسي مع السعودية بهدف تحقيق مآرب ونقاط تخدم الطرفين ، فاتجهت جماعة الحوثي نحو التواصل مع السعودية وذهبت إلى هناك لاجراء عدة لقاءات في ظهران الجنوب وغيرها ، ولكن جماعة الحوثي فشلت في تحقيق اي نقاط ايجابية ، فأراد صالح ان يقوم بهذا الدور بنفسه فصرح قبل ايام بتصريحات ظهر بأنه يحمل نوع من الاستسلام ويدعو للسلام ولكن السعودية لم تثق في ذلك التصريح ولم تعيره اي اهتمام ولعلنا نذكر موقف السياسي السعودي آل مرعي الذي قال بعد ذلك التصريح انه لم يعد يثق بصالح ولو تعلق بجدران الكعبة ، ثم انتقل صالح بعدها لمرحلة ادعاء الخلاف مع الجماعة الحوثية واتهامها بأنها من تعطي الاحداثيات لقصف معسكرات الحرس الجمهوري ، ويهدف من خلال إلى محاولة تصديق دول التحالف بأن هناك خلاف حقيقي بين الحوثي وصالح وهو ماسيجعل السعودية تفتح خط تواصل مع صالح ومن خلاله سيستطيع ان يمرر لعبته الخداعية ويلعب دوره السياسي الذي يخدم بها نفسه بطريقه ظاهره ويخدم به جماعة الحوثي في نفس بطريقة باطنة .
الهدف الثالث : توريط الشرعية في جريمة الانقلاب
فانتقال خطاب صالح لمرحلة ادعاء الخلافات مع الحوثي يصاحبه في نفس الوقت اتهاماته للرئيس الشرعي عبدربه منصور هادي بأنه انقلابي ومغتصب للسلطة ، ويهدف من ذلك محاولة تشبيه الشرعية بالانقلاب عسى ان يجد هذا الامر نوع من القبول لدى المجتمع الدولي في ظل وجود خلافات بين صالح والحوثي ، كما يهدف ايضاً إلى محاولة توريط الرئيس هادي في الشراكة بتحقيق الانقلاب الحوثي وتسليم مؤسسات الدولة ، وهذه الحالة ستمكن صالح من الخروج من تهمة الشراكة بجريمة الانقلاب من خلال توريط الشرعية في ذلك وهو مايجعل الجميع شركاء والجميع مجرمون اما ان يعاقبوا جميعاً من المجتمع الدولي او يتم اتخاذ حل متوازن يساوي بين الجميع الشرعية ممثلة بالرئيس هادي والانقلاب ممثل بصالح والحوثي ، ولا تستغربوا يوماً ان قامت جماعة الحوثي باصدار بيان تأيد من خلاله الرئيس وتدعي القبول به ، فهذا الامر متفق عليه بين الحوثي وصالح ويهدف لتوريط الشرعية في الشراكة بالانقلاب الحوثي بمشهد ذكي هو ضمن مشاهد سيناريو الخلاف بين الحوثي وصالح .
الهدف الرابع : اعاقة تقدم الشرعية
وكما هو معروف ان تقدم الشرعية على الارض في التحرير يجعل صالح يلجأ لاتخاذ عدة سيناريوهات كالحوار والدعوة للسلام والمفوضات وغيرها ، إلا ان هذه المرة اتخذ صالح سيناريوا ادعاء الخلافات مع الحوثي وهو سيناريوا جديد يهدف من خلاله لاستخدام سيناريوا ناجح بعد ان فشلت السيناريوهات السابقة كالمفاوضات في جنيف والكويت والتي جعلت الامم المتحدة والمجتمع الدولي ودول التحالف والشرعية في حالة يأس من تحقيق صلح وسلام مع الحوثي وصالح بسبب تعنتهما وعدم تقديمهم لاي تنازلات ، وعسى السيناريوا الجديد لصالح ان يحقق اي نوع من انواع المغالطات والخداع للمجتمع الدولي ودول التحالف في ظل توجه الشرعية الجاد لتحرير الحديدة بعد تحرير المخا والتقدم على الارض .
الهدف الخامس : انقاذ الانقلاب من تهمة الارهاب
فالتوجه السياسي الجديد للادارة الامريكية منذ تنصيب رئيسها جديد ترامب ، والذي من خلاله اتهمت امريكا جماعة الحوثي بأنها جماعة ارهابية ، وهذا ماجعل صالح والحوثي يقومان بتمثيل سيناريو الخلافات فيما بينهم ، ومن خلاله سيستطيع صالح ان ينقذ الانقلاب من تهمة الارهاب ، فالجماعة الحوثية احد اطراف الانقلاب وتعتبر جماعة ارهابية وصالح هو طرف الانقلاب الثاني وفي حالة ظهوره بالتصالح مع تلك الجماعة الحوثية سيعتبر ايضاً ارهابي ، وليس هناك من حل سوى ادعاء الخلافات بين الطرفين لكي يتبرء صالح من تهمة الارهاب ويستطيع بنفس الوقت ان ينقذ جماعة الحوثي في حالة فرض عقوبات عليها من قبل امريكا ، اذ يتسنى لانصار هذه الجماعة ان يستظلوا تحت مظلة صالح والانضمام إلى حزبه كقواعد من قواعده وجماهير من جماهيره واذا كان هناك عقوبات فهي تشمل بضع قيادات حوثية لا تتجاوز عدد الاصابع ، وهذا الامر سيجعل الانقلاب قوياً في كلتا الحالتين وسينقذ صالح من تهمة الارهاب ويوفر مظلة لانقاذ قواعد جماعة الحوثي من اي عقوبات دولية بتهمة الارهاب وستنجح سياسة الانقلاب الخداعية التي ان فشلت في حالة ظهور التصالح والاتفاق بين طرفي الانقلاب ستنجح في حالة استخدام لعبة الخلاف بينهما .
هذه اهم اهداف سيناريوا صالح الجديد ، فلا تصدقوا ذلك السيناريو ولا تنخدعوا عندما تشاهدوه ، فكل مشاهده هي خدع سينمائية اخرجها صالح بطريقته التي يتعامل بها منذ القدم واستطاع ان يغالط بها الجميع ... فلا تصدقوا ان هناك خلافات بين طرفي الانقلاب .