الأرشيف

يازمان الوصل في اليمن!

الأرشيف
الخميس ، ٢٢ يناير ٢٠١٥ الساعة ١١:١٢ صباحاً

د. وائل الحساوي


خلال ثلاثين سنة (1462 - 1492) سقطت معظم مدن الأندلس في أيدي النصارى، وانهارت تلك الدولة العظيمة التي شهد لها التاريخ بالسبق والعلم والحضارة، واصبح المسلمون فيها مُطاردين من عدوهم.

اسباب السقوط كثيرة ومعروفة واهمها كثرة الخلاف بين ملوك الطوائف واقتتالهم فيما بينهم، واستعانة كل منهم بأعداء الاسلام لنصرته على اخوانه.

على سبيل المثال فإن عبدالله الزغل - احد ملوك بني الأحمر - قد أصاب النصارى في معركة وقتل منهم مقتلة عظيمة فقام ابن اخيه ابو عبدالله الصغير - ملك غرناطة - بإرسال رسالة الى ملك النصارى يعتذر فيها عما فعله ابن عمه، وأخذ يهنئ ملك النصارى بسقوط (مالقة) في يده وتحويل مسجدها الى كنيسة - نكاية بأبناء عمه - وما هي إلا سنوات قليلة حتى قام الصغير بتوقيع وثيقة التنازل عن غرناطة للملك (فرديناند وزوجته ايزابيلا) وهي اخر ممالك المسلمين في الأندلس، ثم صعد الصغير فوق الهضبة ليودع الأندلس التي فرط هو واصحابه فيها وبدأ يبكي، فقالت له والدته (عائشة الحرة) كلمة لايزال التاريخ يرددها بين اصدائه: «ابك كما تبكي النساء على ملك لم تحافظ عليه كالرجال».

التاريخ يعيد نفسه كما قال الشاعر ابو البقاء الرندي حزنا على الأندلس: لكل شيء اذا ما تم نقصان

فلا يغرنك بطيب العيش انسان

هي الامور كما شاهدتها دول

من سرّه زمن ساءته أزمان

ها نحن نشاهد بالصوت والصورة السقوط المدوي لليمن في ايدي الحوثيين المتآمرين، وما امر التدرج الذي يقوم به الحوثيون في الوصول الى هدفهم النهائي إلا محاولة لذر الرماد في العيون، فقد كان هدفهم واضحا منذ البداية وقد امدتهم ايران بأسلحة تكفي لتدمير اليمن تحت سمع وبصر الحكومة، ثم قام الحوثيون بالزحف التدريجي على المدن الرئيسية الى ان وصلوا الى قصر الرئاسة، ورفعوا شعارات براقة خدعوا بها المغفلين مثل الموت لأميركا، الموت لاسرائيل بينما اراقوا دماء المسلمين واستباحوا ديارهم!!

اما الاطراف التي ساعدتهم على تنفيذ خططهم فهي كثيرة واهمها غفلة دول الخليج عن التصدي لمؤامرات الرئيس السابق (علي صالح) والسماح له بالرجوع الى اليمن والتحالف مع الحوثيين بعدما سقط حكمه وتفحم وجهه من انفجار وقع عليه، بل وفروا له العلاج ومكنوا له من التآمر على الرئيس الحالي لاسيما وهو يملك الاموال الكثيرة ويسيطر على اكبر الاحزاب اليمنية.

اما المتآمر الثاني فهو الولايات المتحدة الاميركية التي من الواضح بأنها سعيدة بما يجري في اليمن وتساعد الحوثيين وتقصف تنظيم القاعدة الذي يتصدى لهم.

نقرأ بعض التحليلات التي تهون من الامر وتقول إن الحوثيين اعدادهم لاتسمح لهم بالسيطرة على اليمن، بل هي مصيدة لهم، وذلك تفاؤل ساذج لا يستند الى واقع، فقد شاهدنا كيف استطاع حزب الله اللبناني ابتلاع لبنان بالرغم من انه لا يمثل إلا اقل القليل من الشعب اللبناني، وشاهدنا كيف ابتلع النصيريون سورية وهم لا يمثلون اكثر من 5 في المئة من سكانها، فالمسألة لا تقتصر على عدد السكان ولكن على القوة العسكرية!!

ان الذين يعتقدون بأن بقية دول الخليج بمنأى عن السقوط في براثن الاعداء لاشك انهم يحلمون، فها هم اتباعهم المخلصون يحتفلون بسقوط البحرين والسعودية في احضان ايران، وها هو اوباما يكذب علينا كل يوم ويطمئننا بالدفاع عنا بينما قلبه معلق بايران ويبحث عن جميع الطرق لحمايتها.

كل ما نستطيع ان نعمله هو ان نتغنى بزمان الوصل في اليمن كما تغنى الشاعر لسان الدين الخطيب بالأندلس:

جادك الغيث إذا الغيث همى

يا زمان الوصل بالأندلس

لم يكن وصلك إلا حلما

في الكرى أو خلسة المختلس

 

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)