الوطن السعودية
خروج المشهد اليمني عن السيطرة يعني حتما، انقلابا حوثيا محفوفا بالإرهاب، على انقلاب حوثي أيضا؛ مقرون بالاستناد إلى الخارج. مصادرة رأي أنصار الله السياسي "طوعا" وبناء على ركائز عقدية، حتى إن تقاطعت في التفاصيل مع عقدية طهران، أمر كان مقروءا منذ سنين، لكن ما لم يكن في الحسبان سعي الجماعة الإرهابية إلى تجسيد الإرهاب الإيراني على أرض الواقع، ارتكازا على مصادرة الشرعية التي ارتضاها اليمنيون أجمع، والركض وراء خلط الأوراق، في مقابل السعي إلى زعزعة أمن المنطقة، أي الخليج تحديدا.
بالتأكيد بات اليمن ورقة ضغط في يد الجمهورية الإيرانية؛ فرضتها خسارة إحدى أذرع النظام الإيراني في المنطقة، بعد إجبار نوري المالكي على مغادرة السلطة في بغداد. هذا أمر ذو ارتباط كبير بما يحدث على الأراضي اليمنية، التي باتت على وشك أن تكون دولة بلا رأس. تجربة حزب الله في لبنان بالمناسبة، أشبه أو أقرب نوعا ما إلى التجربة اليمنية، أو ما يراد أن يُقاد له الشارع اليمني، الذي عانى حكم رجل واحد على مدى ثلاثين عاما مضت. ذلك يتجسد في محاولة حزب الله عرقلة الاستحقاق الرئاسي في لبنان، ما يشابه في الوقت ذاته تحجيم رأس الدولة في اليمن أيضا.
الحديث هنا ليس عن لبنان، لكن التشابه الذي تفرضه أداة الحرب في لبنان، هو التشابه ذاته في أداة الحرب بصنعاء، التي تستقوي بالخارج على الأمن والمجتمعات المسالمة، بركوب إرادة الشعب، انتهاء بسلب هيبة الدولة، أو على أقل تقدير كسرها على المستويين المحلي والإقليمي.
بالعودة إلى حكم الرجل الواحد، يجب التذكير بقول الرئيس علي عبدالله صالح ذات يوم، إنه استطاع الرقص باليمن على رؤوس الثعابين، ما يعني إدراكا منه على الأقل، باستراتيجية الحوثي وميليشياته، في المنظور البعيد، أو كما يقرأ البعض أن سكوت صالح عن تلك الاستراتيجية الإرهابية ورقة وضعها في يده، لخلق صورة لدى دول الجوار أنه القادر الأوحد على قيادة اليمن إلى بر الأمان.
عدد من الرسائل كانت الأيام القليلة الماضية حُبلى بها. خطف مدير مكتب الرئاسة، وتطويقها لتغييب وجه الدولة – عبد ربه منصور هادي – الهدف منها بالدرجة الأولى؛ قتل المبادرة الخليجية التي كفلت هدوءا في التعايش السلمي بين المكونات اليمنية، وصولا إلى وأد أي دور خليجي – سعودي تحديدا – لقيادة اليمن للخروج من عنق الزجاجة.