عبد المنعم مصطفى
لماذا يستمر الصراع في اليمن، رغم جهود دولية وإقليمية لإنهاء الحرب؟.
ولماذا لا تصمد أيّ هدنة لتفسح المجال أمام جهود الإغاثة الإنسانية؟.
مَن المستفيد من استمرار الحرب، ومن تضخيم المعاناة الإنسانية لليمنيين؟.
اذا أردت إجابات يرضى عنها المنطق، وتعكس الحقيقة، ألقِ نظرةً على مسرح العمليات، ثم قارن بين الوضع الراهن في اليمن، وبين ما كان عليه قبل ساعات فقط من بدء عملية «عاصفة الحزم» قبل عام من الآن.
لقد جرى دقُّ عظام أعداء الشرعية في اليمن، وتبديد شمل الحوثيين، وقوات علي عبدالله صالح، والأهم من ذلك، فقد جرى تجريد إيران من عملائها في اليمن، أمّا الأكثر أهميةً، فهو أن الشعبَ اليمني قد استعاد الأمل في استعادة وطن، كاد الحوثيون أن يُسلِّموه غنيمةً للإيرانيين. مَن يعوقون جهود الإغاثة الإنسانية في اليمن، هم مَن يُريدون معاقبة الشعب اليمني على انحيازه للشرعية، وللرئيس هادي، وهم مَن يُريدون مفاقمة المعاناة الإنسانية، لشعب أمسك للتو بتلابيب الأمل في غدٍ يحمل معه السلام، والاستقرار، والوحدة لليمن، بكل ما يعنيه ذلك، من عمليات إعادة للإعمار، وبناء لأسس دولة عصرية تليق بشعب أهدى الإنسانية منذ فجر التاريخ، حضارةً ما تزال شواهدها قائمةً، رغم كل ما شهده اليمن من صراعاتٍ، وحروبٍ، ومآسٍ إنسانية، تجلّ عن الوصف.
يعرف الحوثيون، ويعرف أنصار المخلوع علي عبدالله صالح، أن نجاح الهدنة، قد يقود إلى عودة السلام، والاستقرار إلى ربوع اليمن، وأن قبورهم ستكون تحت كل صرح جديد من صروح التنمية، يقيمها الشعبُ اليمنيُّ، وتقيمها حكومتُهُ الشرعيةُ فوق أرضه المُحرَّرة من دنس الخيانة، والطائفية، والأطماع الإيرانية. بحسب تقديرات مراقبين محايدين، وعاملين بهيئات إغاثية دولية، فقد انتهك الحوثيون، وقوات علي عبدالله صالح اتِّفاقًا للهدنة جرى التوصل إليه قبيل بدء محادثات للسلام في ديسمبر الماضي، ترعاها الأمم المتحدة في جنيف، فما أن بدأت الهدنة حتّى أعلنت مصادر طبيّة، وشهود عيان عن أول انتهاك لها بقصف مدفعي شنَّه الحوثيون، وأدَّى إلى قتل سبعة مدنيين، وإصابة خمسة عشر آخرين، في مناطق سكنية بمدينة تعز، وفي مأرب قتل الحوثيون خمسة عشر يمنيًّا، وأصيب عشرون آخرون بعد ساعات من بدء الهدنة.
ونقلت وكالة سبأ للأنباء عن نشطاء محليين في تعز أن المتمردين الحوثيين انتهكوا وقف إطلاق النار عشرات المرّات خلال الساعات الأولى التي أعقبت بدء الهدنة الإنسانية، التي كانت تستهدف تهيئة الأجواء لمفاوضات السلام في جنيف من جهة، وتمكين جهات الإغاثة الإنسانية من القيام بعملها، وتقديم المعونة لشعب يرزح ثمانون بالمئة منه تحت خط الفقر. الذين يخشون عودة السلام، والاستقرار إلى اليمن، هم مَن يُقوِّضون فرص السلام، والاستقرار هناك، وهم مَن ينتهكون الاتفاقات، ويُعرقلون جهود الإغاثة، ويُراهنون على أن مفاقمة معاناة الشعب اليمني، وبث روح اليأس بين اليمنيين، هي المدخل الوحيد لاستدامة الصراع، ولتجنيد أنصار جُدد للمتمردين في الداخل.
أمَّا الرد العملي، والحاسم على هؤلاء، فهو بتكريس كافة الإمكانيات لتعزيز استعادة الأمل. فالحرب الدائرة في اليمن الآن، هي في جوهرها، صراع بين مَن يُريدون زراعة الأمل في نفوس الشعب اليمني العريق، وبين مَن يعملون عبر مفاقمة معاناة اليمنيين، على صناعة اليأس، واستدامة الصراع. إشاعة الأمل في غدٍ أفضل للشعب اليمني الشقيق، هو أكثر الأسلحة مضاءً، وأعلاها فاعليةً في مواجهة المتمرّدين من عملاء طهران وأدواتها، والانتقال من الحديث عن جهود الإغاثة الإنسانية إلى طرح خطط، ومشروعات لإعادة الإعمار في واحد من أفقر بلاد العالم، سوف يقود في النهاية إلى عزل قوى التمرّد، والطائفية في اليمن الشقيق.
هزيمة عملاء طهران في اليمن، هي طريق اليمنيين للرخاء، وهي سبيلهم للانخراط مع الجوار الخليجي الداعم للشرعية اليمنية، في علاقات تتيح للشعب اليمني الشقيق فرصًا هائلة للحاق بالعصر، وللمشاركة في ركب الحضارة الإنسانية، بإسهامات يعرف اليمنيون أنهم قادرون عليها، ويثق أشقاؤهم في استحقاقهم لها.
* نقلاً عن المدينة السعودية