أ/زيد الشامي
زادت الاختلالات الأمنية وكثرت حوادث القتل وتعددت التفجيرات، وليس هناك مؤشرات إيجابية للحد من هذه الجرائم، لأن طريقة التعامل معها مازال قاصراً، وغالباً ما يعتمد على المعالجة الآنية، أوالمكايدات السياسية، حيث يحاول كل طرف أن يُـبَـرّأَ نفسه ويرمي المسؤولية على الآخر، وتبقى المشكلة قائمة بل مرشحة للتصاعد!!
حوادث التفجيرات والاغتيالات والقتل والإعتداء بدوافع سياسية لم تتوقف، وآخر تفجير استهدف أولئك الشباب الأبرياء الذين أرادوا الإلتحاق بكلية الشرطة بصنعاء، حيث تم التعامل معهم بلا مبالاة ومن دون مراعاة لآدميتهم، وتركوا لقمة سائغة للقتلة الذين اصطادوهم بدم بارد وهم يتزاحمون على رصيف الكلية تحت البرد القارس، ومع أنه قد سبق تنفيذ عملية إرهابية في نفس الموقع، ولكن لم يتم اتخاذ الإحتياطات الأمنية لمنع تكرار الجريمة، وينبغي إجراء تحقيق محايد يكشف الكثير من الملابسات التي صاحبت الحدث المفجع، ومن ثم محاسبة المتسببين قبل القتلة ومن يقف وراءهم!!
الإرهاب لا جنس له ولا ينتمي لدين معين، هو نزعة شريرة عدوانية أو إنتقامية، يقوم بها فرد أو جماعة، والقضاء عليها يحتاج إجراءات أمنية، وعدالة قضائية، وتوعية فكرية ومعالجات سياسية، وعملاً إعلاميا وتوجيهياً... وبحيث تصب كل الجهود في القضاء على الظاهرة واجتثاثها من جذورها...
في اليمن لا يزال التعامل مع الإرهاب يحمل نزعة الصراع السياسي، فعقب كل حادثة نسمع الإتهام السريع لهذا الطرف أوذاك من دون تحري للحقيقة، ويكون الخطأ أكبر عندما يخلع مسؤول الدولة لباس الدولة ويلبس الرداء الضيق لتوجهه السياسي، فيسارع - ومن دون تثبت - بالإتهام لهذا وتبرئة ذاك؛ فتضيع الحقيقة أو تسجل الجريمة ضد مجهول؛ وهذا ما نراه في التناول الأمني مع الحادث الإرهابي المروع بكلية الشرطة...
وعلى نفس المنوال سارعت بعض الجهات للتطوع بنشر معلومات كاذبة عن حادثة تفجير باريس الأخير، فزعمت أن أحد المتهمين درس في جامعة الإيمان وهو مانفته نهائياً جهات مسؤولة في الجامعة، ونشر مثل هذه الإتهامات يضر بسمعة اليمن واليمنيين قبل الإضرار بسمعة جامعة أو حزب سياسي...
لعلنا نتذكر حادثة اختطاف الشيخ محمد بن علي المؤيد (أبو المساكين) في ألمانيا ثم نقله إلى أمريكا تصحبه عدة طائرات كأنه أحد كبار المجرمين، وكان ذلك بناء على عمل استخباري رخيص، ومعلومات كيدية تناولتها بعض الصحف اليمنية، ليتبين بعد ذلك كذب تلك الإدعاءات، ثم أُطلق سراحه مع زميله محمد زايد وعودتهما إلى الوطن بعد سبع سنوات من المعاناة!!
أمن اليمن واليمنيين في خطَر، ولا بد من حشد كل الجهود للتصدي لهذه الجرائم، وسحب كل الذرائع التي تسمح باستمرارها، وتبديد كل الشبهات التي تجعل من القتل وسفك الدماء عملاً بطولياً، وعلى الدولة أن تحثّ جميع المكونات السياسية أن تشارك في هذه الجهود بدلاً من محاولة إتهامها أو دفعها للسكوت نكاية بمن يريد التكسب وإرضاء الخارج باتهام الأبرياء وشركاء العمل السياسي...
العلماء على اختلاف مذاهبهم ما زالوا محل ثقة الأمة، وخلال الفترة الماضية تم تهميشهم وتجاوز تأثيرهم، وأغلقت في وجوههم منابر الإعلام والتوجيه، بل أصبحوا حائطاً للإتهام والانتقاص، ومن قال منهم رأياً مخالفاً لما يريده الساسة تقوم عليه الدنيا ولا تقعد، فانزوى? أكثرهم واختفى? أثرهم، وكان الأولى? أن يكونوا هم الذين يتصدّون للأفكار المتطرفة، ويجمعون حولهم الشباب على مبادئ الإسلام السمحة التي تبشّـر ولا تنفّـر، تيسّـر ولا تعسّـر، ويعلمونهم دين الله الذي يحمل الرحمة والعدالة، ويعتمد في التبليغ على الحكمة والموعظة الحسنة، وليس بالقتل والتفجير وإهدار كرامة الإنسان.
إن مثل هذه الأحداث الكبيرة والخطيـرة يجب أن لا يتم تناولها بالعاطفة والتسرع في إصدار الأحكام المسبقة، بل يجب وضع رؤية شاملة مبنية على دراسات موضوعية، وتحديد الأسباب والدوافع والمعالجات التي تعيد لنا الوجه المشرق لليمنيين، والصورة المضيئة لإسلامنا الحنيف.
* من حائظ الأستاذ زيد الشامي رئيس كتلة الإصلاح في البرلمان على الفيس بوك