محمد عبدالله القادري
ليس مخلوع ولكنه انقلابي
اختلف كل الاختلاف مع الذين يقولون ان الرئيس السابق علي عبدالله صالح مخلوع ، واتفق كل الاتفاق مع الذين يقولون انه انقلابي ، فالمخلوع والانقلابي لاتجتمع في صالح ، فلوكان صالح مخلوعاً لما اصبح انقلابي ولكان مصيره كمصير مبارك والقذافي وزين العابدين بن علي ، ولكن لأنه لم يكن مخلوع استطاع ان يصبح انقلابي بعد تركه للسلطة ، وهذا مايجعلنا اذا تحدثنا بواقعية نقول انه ليس مخلوع ولكنه الرئيس السابق والانقلابي اللاحق .
صالح ترك السلطة وعاد لينقلب عليها بعدما تركها ، ليتضح امره انه رجل ترك السلطة ليس من اجل اليمن وليس لحقن الدماء كما قال في عام 2012 ، ولكنه تركها و خرج منها من الباب من اجل ان يعود إليها من نافذة الانقلاب ، فصالح الذي تركها من اجل حقن الدماء هو الذي انقلب عليها من اجل اراقة الدماء ، وصالح الذي كان حكيماً عندما تنازل عن السلطة عبر صندوق الإنتخابات هو صالح المحتال الذي اراد العودة إلى السلطة عبر الإنقلاب الحوثي ... فلقد فضح امره وكشف كيده وقضى على تأريخه ، ففي تركه للسلطة وتسليمه للحكم لخلفه هادي عبر طريقة ديمقراطية سلمية دخل التأريخ من اوسع ابوابه ولكنه عندما ساند الإنقلاب الحوثي قد خرج من التأريخ المشرف والعظيم واصبح مرمياً في مزبلة التأريخ الأسود الذي لايرحم أحد ، فصالح الحقيقي ليس ذلك الرجل الذي كان يظهر في عام 2012 وماقبلها ، ولكنه ذلك الشخص الذي وقف مع الحوثي واتضح امره في عام 2015 .
ليس هناك اي مبررات لصالح تبرر وقوفه ومساندته للإنقلاب الحوثي مهما كانت المسميات والاعذار ، مادام والجماعة الحوثية قد انقلبت على شرعية الشعب المتمثلة في رئيس الجمهورية والدولة والبرلمان ، فالحوثي إنقلابي بأمتياز وكل من ساند او وقف او شرعن او سكت او تواطأ مع الانقلاب يعتبر انقلابي ، ولعل وقوف صالح مع الحوثي تدلل انه استخدم الحوثي لتحقيق هدف انقلابي على السلطة التي لم يتركها طواعية ولكن لحيلة تتلخص في ان ينجح انقلاب الحوثي من اجل ان تنجح بعدها طريقة عودة صالح للسلطة بأي وسيلة ستتم من خلال اتخاذ حل لإزاحة الانقلاب الذي يحمل في ظاهره الحوثي وباطنه صالح .
وقوف صالح مع الإنقلاب الحوثي تدلل على ان الرجل استخدم هذه الطريقة في الوصول إلى السلطة قبل ان يتركها ، فتلك الإنقلابات التي تمت قبل وصول صالح للسلطة في عام 1978 كان صالح هو من يقف وراءها او مشارك فيها حتى استطاع ان يصل إلى الهدف الذي يريده وهو كرسي الحكم والذي عندما وصل إليه لم يحدث بعدها أي انقلاب ، وقد اراد بعد ان ترك السلطة في عام 2012 ، ان يستخدم ذلك النموذج الانقلابي الذي استخدمه من قبل ، ليتضح الامر ان صالح رجل انقلابي ينطبق عليه المثل اليمني السائد "من شب على شئ شاب عليه" ، فصالح هو مهندس الانقلابات والواقف وراءها قبل ان يصل السلطة في عام 1978 وبعد ان ترك السلطة عام 2012 ، وصالح هو المستفيد من الانقلابات وكل الإنقلابات تؤدي السلطة إلى صالح .
صالح كان يقول انه صعد إلى الحكم عبر اختياره من قبل مجلس الشعب التأسيسي ، ولكن وقوفه مع الإنقلاب الحوثي يدلل ان صالح استخدم غيره في الإنقلابات على الارياني والحمدي حتى تهيأ المجال والمناخ المناسب لاختياره بطريقة ظاهرها ديمقراطية وباطنها انقلابية ، وهاهو اليوم استخدم تلك الطريقة للانقلاب على هادي ويهدف من خلال ذلك إلى تهيئة مجال مناسب للعودة إلى السلطة من خلال انتخاب نجله ..... ولكن لم ينجح في ذلك فلقد جعل تدبيره في تدميره ، وظهر صالح الانقلابي على حقيقته ولم يعد ذلك الذي كنا نظن انه رجل الحرية والديمقراطية والتعددية السياسية .