الأرشيف

عشية التوقيع.. صباح الوقيعة

الأرشيف
الاثنين ، ١١ يناير ٢٠١٦ الساعة ٠٥:٢٩ مساءً

خالد الرويشان


لن تقرأ حروفا!
هذه كتابةٌ بدَمِ القلب!
في مثل هذا اليوم!
عشيّة التوقيع ..صباح الوقيعة! لكنْ مَنْ يقرأ ..!
أريدُ أن أحتفل . . لكنّ الظلام دامسٌ !
كعادتهم ، يتبادلون التهاني ويغتصبون الابتسامات .
هذا دأبُهم مِن زمان .
لكنّ أحداً هذه المرّة لم يبكِ من الفرح !


لو أنّ أحدَهم بكى فرحا إثْر توقيع الجميع على وثيقة بن عمر أو مخرجات اللجنة المصغّرة لشعرت بالطمأنينة وبالأمل في سنواتِ فرحٍ قادمة !
لكنَّ الرؤوسَ المُطرِقة لا تبعث على الأمل ، والعيونَ الحائرة لا تدلّ على الطريق !
كنتُ أريدُ أن أحتفل ولو من باب لعلّ وعسى !
لكنّ الظلام كان مخيّما .
فكّرت أن أخرج من صنعاء إلى مدينة ٍ قريبة لكنّ الطريق كانت مقطوعة وغير آمنة ، بينما قُطّاع الطرق ينْعَمُون بالأمان !
قلتُ : سأتسلّى قليلاً مع الفيسبوك !
مع ملوكِ الّلَيلِ بلا مُلْك ، وفرسان الضّحى بلا خيول ! للأسف كان الفيسبوك معطّلاً فقد ضربوا الألياف الضوئية . . ثم إنّ الكهرباء مضروبةُ هي الأخرى !
إذنْ ، كيفَ احتفل الجهابذةُ الأفذاذ ؟! هل يحتفلون في الظلام وبالظلام !
إنّ الغموض يلفّ حياة اليمنيين كما لمْ يحدث من قبل .
حروبٌ معلنة وغير معلنة .

 

اغتيالاتٌ صامتةٌ غامضة والصّباحات غدَتْ جنازة هادئة مستمرّة !
وضرْبٌ تحتَ الحِزام ولا أحد يقول آه !
يعيشون في الظلام ويموتون في الظلام .
في الهند يُشعِلون جثثً موتاهم .. يضيئون اللحظة الأخيرة .
هنا يُشعِلُ الأحياءُ أعمارَهم ومضةً علّ الّلَيلَ أنْ ينتبه من غفوته ،ٍ والدّيدبانَ مِنْ غفلته .
لكنّ الّلَيلَ تائهٌ في لَيلِهِ ، والدّيدبانَ غارقٌ في وهْمِهِ وَهَمّه .
وسط مهرجانٍ من التهاني الباردة والابتسامات الصفراء وقّع الجميع على وثيقة بِنْ عُمَرْ أوْ مُخرجات اللجنة المصغّرة .
مُخْرَجات ! لا يوجد أسوأ من هذه الكلمة !
أتمنى أن يجدوا لها بديلا !
وقَّعوا على وثيقة لكنهم أوقعوا أحلامنا في فِخَاخٍ لا تُرى ، وشِبَاكٍ لا تَبِيْن . . ليْتَهم وقَّعوا وأقسموا على الولاء للوطن وليس للأصنام ، وللمواطن وليس للأحزاب والأقاليم . . لو أنّهم أقسموا لكان ذلك مَدْعاةً للطمأنينة الهاربة .
ما إن تمّ التوقيع على الوثيقة !
حتى تَعالتِ الصيحات . . الحوثي على أبواب صنعاء !
ها قد بدأت الملهاةُ الكبرى و المسلسل الجديد بالتوازي مع مهرجان حصاد الجوائز !
هذه هي اولى الجوائز : جائزة اللامبالاة !

 

هل استيقظتم لتوّكم الآن ! تفْرِكون أعينكم مشْعوثينَ مدهُوشين !
ألم تفهموا أنّ الحرب تتوالد مثل الفئران . . وأنّ حرْباً تلِدُ أخرى ، وأن الضِّباع تبدأ بالفرائس الصغرى بروفةً للفرائس الكبرى !
مازلتم تَفْرِكُون أعينكم غير مصدّقين . . شاهت الوجوه !
إنّ الدولة كما هي في أي مكانٍ في العالم لا يمكن ان تكونُ محايدةً تجاه من يقتل شعبها وجندها !
كما لا يمكن أن تكون محايدة عندما يلتهمُ الحريق غرفة طعامها ونومها !
وإذا لم تقم بواجبها فسيحاسبها التاريخ عاجلاً غيرَ آجل ، والواجب أن تحسم الدولة وبقوّة بؤَرَ القتلِ والتعصّب والفوضى وتفعيلُ العقاب والحساب بدلاً عن الحديث بلا معنى عنِ الدولة المدنيّةِ الحديثة كتعويذةٍ إعلامية .
الآن ، وبعد التوقيع على الوثيقة / الوقيعة . . هل بقي من عُذرٍ كي تستعيد الدولةٌ نفسَها ، وزِمامَ أمْرِها ؟
بُحَّتْ أصواتنا طوال سنتين بلا جدوى !
لكننا سنتفاءل وسنكافح وكما أقول دائما : هذا قدَرُنا فلا طريق غير ذلك . .أصواتُنا ما تزال ،وعزائمُنا في أوْجِها !

 

المقال نشر العام الماضي في مثل هذا اليوم وتم اعادة نشره 

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)