الأرشيف

من يُرقَّع ثقوب الحوثي ؟!

الأرشيف
الثلاثاء ، ٠٦ يناير ٢٠١٥ الساعة ١٠:٤٤ صباحاً

راكان الجبيحي


لم يرالدكتور عبد الكريم الارياني وهو يصف الوضع الراهن أصدق تعبيراً من كلمة "شاذ" التي باتت قريبة إلى الواقع الذي نعيش فيه.. وسط كومة رماد من تدهور الأوضاع، وكمَّ هائل من الانتقادات، وفتح ثغرات للصراع.. مع تصاعد سخونة المشهد.. وتزايد ممارسات الحوثي الخبيثة.
لقد أصبح الحوثي اللاعب الوحيد على الساحة.. غير مدرك بتاتاً أن ذلك قد يدق به وتر التراجع.. والسقوط الوشيك، بل إنها بداية النهاية لتصرفاته السلبية.. وهو ما أبرمت عليه الجماعة من خلال لغات متفاهمة، ورسائل شبه واضحة للرجوع إلى بنود السلم والشراكة.. والتفاهم مع مختلف القوى بعدما بدأت وحيداً في خلوة الوضع، والمشهد الساخن.
قبل بضعة أيام هاتفني والدي وكثيرون بعد قراءتهم لمقال العزيز علي البخيتي أحد أبرز قيادات أنصار الله "الحوثيين" في صحيفة الأولى تحت عنوان "تركت وحيداً والآن ندفع الثمن جميعاً"، وظللت أتناقش معهم بخصوص ما تناوله المقال.. الذي أحدث تأثيراً كبيراً واستغراباً ملحوظاً لدى الجميع.. كونه يتناقض مع انتمائه الفكري والسياسي.. ويتناسب مع روحه الأخلاقية والمُشرَّفة والشفافة على السطح في الموقف الذي اتخذه، ورواه في مُجمل سطوره في التصدي للجماعة عندما أقدمت على اقتحام منزل زوجة الشيخ حميد الأحمر السابقة. وظل باسطاً وماكثاً هناك برفقة الزميل العزيز نائف حسان ومحمود ياسين.
قرأتُ المقال مراراً وتكراراً، كما سبق وأن قرأت لمحمد المقالح وغيره، الذين أصبحت مقالاتهم تتناقض أيضاً مع ميولهم الفكرية والسياسية.. في ظل ممارسة جماعة أنصار الله السلبية الفظيعة.
وصلتُ فجأة إلى حالة من التفكير.. وتراجعت قليلاً إلى الوراء. ونبشت الذاكرة.. لأتذكر سر حديث لي من أحد الزملاء الإعلاميين والمقربين من الجماعة بقوله: "هناك حالة من الانقسام داخل الجماعة.. هناك ممارسات تقوم بها خلايا موغلة داخل الحركة، وأن القيادة العليا ليست على علم بما يقوم به البعض من ممارسات وعلى هذا الأساس هناك حالة الصمت.. مما حدث بعض الخروقات، والاقتحامات باسم الجماعة".
استناداً إلى ذلك.. وما سبقه من امتصاص لشعبية الحركة من خلال ممارساتها التي أظهرت حسن النوايا، ووضحت أهدافها.. في اتساع رقعة الفوضى التي تنعكس سلبياً على الحركة.. خصوصاً بعدما أصبحت اللاعب الوحيد في الساحة بطريقة غير شرعية.. وبعقلية متخلفة.. وغير مقبولة وهذا دليل على وجود ثغرات داخل الحركة.. وبداية النهاية التي ستسقط تلك الجماعة الشاذة في سرعة انتشارها بوقت ضئيل.. وانهيارها كما نهضت، وهذا ما تمت ترجمته من خلال قيادات لهم عبر مقالات وتصريحات.
أصبحت أعمال الحوثي مصدر قلق لدى الجميع.. فقد ظهرت جلياً على السطح.. بعد أن كانت غامضة لدى البعض.. وتقلصت شعبيته مع نشاطاته وخطواته السلبية.. وتراجع قوته القتالية أثناء المعارك التي خاضها وخسرها في رداع وإب وغيرهما.
الرئيس هادي الذي بات ومع مرور الوقت ضائعاً تائهاً.. في عالم آخر.. وكأنه يبدو في صحراء قاحلة.. تتعطش من ماء الرجوع، للملمة الوضع.. في ظل السكوت المخزي، والغموض الذي يحوم حوله إزاء تدهور الأوضاع، بل وتساقط الأوراق والحلول بعد التخاذل الفظيع الذي اتخذه تجاه جماعة الحوثي.
كذلك حكومة بحاح التي لم نتلمس حتى الآن أي نوع من الخطوة الإيجابية وفرض هيبة الدولة ولو بنسبة جزئية.
فالبلد يتعطش لرحيق الأمن، يلهث بعبء وبطء نحو الاستقرار، يبحر في شاطئ النجاة متيقناً ومتأملاً خروجه من المأزق المؤلم الذي اندرج فيه دون جدوى.
ما زال الوضع في حالة من الغليان المُتصاعد على نار العنف.. ولا تزال بعض القوى تنخر على جسد الوطن لإعاقته.. بل نجحت في ذلك، وتغلغلت بعمق في خلاياه. مما بلورت حركة نهوضه من خلال ما مارسته من فوضى ودمار.
إن اليمن على كف عفريت.. وضعها المخيف أصبحتُ لا أطيقه.. والغموض المخزي والفظيع لدى هادي والحكومة غير مرغوب فيه.. لقد اندرج الوضع في عنق الزجاجة.. وغاص في خاصرة التشبث، والتقزم وتعلق بجَنَس العنف.
فالحوثي يمر بمرحلة صعبة، وحالة من الهذيان والتخبط، مما أدرك مؤخراً أنه يرتكب خطأ فادحا، ويميل شيئاً فشيئاً نحو إحراق الحركة وتشويه صورتها في المجتمع لما ترتكبه من خروقات وخطوات متسارعة، أدت إلى حدوث صراع وخلاف داخل المطبخ الخاص.. كما بدا لنا المشهد كذلك مع وجود احتمال في تقسيم أدوار بين القيادة الحوثية.
فمن يرقِّع ثقوب الحوثي؟ ويسد ثغراته التي نخرت على جسد البلد؟
من يتحمل مسؤولية تلك الأحداث المؤلمة التي عصفت على الشعب؟
ما الخطوة التي سيقدم عليها الحوثي في ظل المرحلة الحرجة التي يمر بها، ليدفع ثمن الأخطاء التي ارتكبها؟ ويعود مجدداً إلى المشهد بطرق أخرى؟ ولغات واضحة وشفافة عكس الماضي؟
الأيام القليلة القادمة ستحمل لنا الأجوبة عن تلك التساؤلات؟ بل إن الساعات الجارية باتت تعطينا نماذج أجوبة لملامح تلك التساؤلات!.

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)