الأرشيف

جارٍ اختراق أية هدنة!

الأرشيف
الخميس ، ٢٤ ديسمبر ٢٠١٥ الساعة ٠١:٠٧ مساءً

علي القاسمي


يتناول الحوثيون أية هدنة - كما ينطق الواقع - من زاوية أنها الفرصة المناسبة لهم للخيانة والمراوغة وتحقيق ما تصح تسميته الانتصارات الوهمية، ولا غرابة في ذاك لأن مثل هذه المشاكسات الرخيصة معروفة عنهم برفقة أوراق وملفات التاريخ، هم يلعبون فقط بالمصطلحات والمفردات بتوجيه متقن من العمائم التي تشرح لهم معنى الهدنة كما يجوز لها ويخدمها، في ظل فقر كلي لهذه العمائم ومن افتتن بها في جوانب حسن النيات والرغبة في المضي نحو وقف إطلاق النار وتغليب الإنسانية وحاجة الإنسان اليمني إلى حاضر لا تنهشه الخيانات ومستقبل يبعد عن التدخلات والنيات الخبيثة. الألعاب الخطرة التي يعمد إليها الحوثيون تسحب المنطقة إلى أسوأ لغة وهي لغة السلاح التي حاول المحيطون تجنبها ما أمكن والاستعاضة عنها بصوت السلام، لكن طهران لا تنظر جيداً إلى الواقع الذي تعبث فيه وتتعامل مع الإنسانية بمنظار أسود، ذلك لأنها لا تزال مؤمنة بأن اليمن لا بد من أن يكون جزءاً أساسياً من مشروع التوسع الممنهج ومحافظة أضافية من محافظاتها المتآكلة بالتدريج.


كم من فرصة منحت للحوثيين نحو إعادة الحسابات وكانت فرصاً في أوقات متفاوتة ومناسبة، شريطة أن يتذكروا جيداً أن الصراع يدور داخل اليمن لا في الدولة التي يقَبِلون مراجعها وعمائمها. اليمن سيمضي نحو ما هو مأمول، وإن كان ذلك رهن الوقت فقط، هذا الوقت يعبث به الحوثيون بلا مبالاة ويرتكبون بمعيته ما يوجع من الاستهداف والقتل الهستيري لتحويل المساحة المحيطة بهم إلى برك من الدماء في ظل الهزائم المتلاحقة والخسائر المتوالية التي تجعل التفكير منحصراً في تفعيل الجريمة وشرعنتها، ومن المعلوم قطعاً وعقلاً وفعلاً أن الحوثيين باعتبارهم أداة مطيعة لبالون منتفخ خارجي ومنتمون إليه حد الذوبان، وإلا فالمنتمون لأوطانهم حقاً لا يقتلون شعوبهم.

 

الحوثيون متمسكون بخيط الأمل في أن يحكموا اليمن، وهو ما لم يؤمنوا بعد بأنه خيط أشبه بأمل إبليس في الجنة، وإن كانوا مقتنعين بإبليس أكثر من الجنة. العقل السياسي الحوثي لا يزال تحت تأثيرات فارسية محملة بمخدرات موضعية تجعل منهم أدوات للفعل والتنفيذ والقتل والتدمير، والأحلام المرسومة على الورق وسهرات المساء والمغلفة بما تيسر من حكايات التقية ورشاوى اللسان ستغدو كوابيس إذا استمرت العنتريات المستترة والظاهرة، ما يجعل المشروع العلاجي المقبل بهدف واحد صريح وعنيف، وهو أن تكون إيران ممنوعة في اليمن خطوة حاسمة نظير ما يستدعيه الميدان السياسي وتحتمه الظروف المصاحبة. المنع حتمي ولازم وفي مصلحة كل من يحب اليمن ويخاف على تداعيات انفلاته.

 

اليمن دخل منطقة من التعقيد والتأزيم السياسي اللذين يجعلان الصوت للسلاح وحده في تعنت الحوثيون وإصرارهم على تمديد الوقت الأصلي والإضافي لعلاجهم من الأمراض المستعارة والمزمنة. اليمن لا يحتمل ساعات حرب أطول لمن كان يمنياً فعلاً، لكن ما يحدث الآن جزء من مراحل الاستئصال الجبرية متدرجة الأثر والتأثير، فالإنسان اليمني موجوع بالتشرد والتفرق والتطاحن وحروب الاستنزاف القبلية والأهلية، وطارئ في المشهد طالما كان اليمن «وطناً ثانياً» لدى الحوثيين بعد أن سيطرت على عقولهم وأرواحهم خطابات حسن نصرالله الفارغة، وثورة الخميني ودخلوا في المسلسل المخزي والعار الطويل لتدمير الشعوب على أطباق الخيانة واللؤم والشحن الطائفي المتدرج. الحوثيون في المنعطف الأخير على رغم أن المعادلة الصحيحة ليمن سعيد لا تزال ممتلئة بعقول مذهبية غارقة في الفوضى، ومتغذية على فتنة حقيقية ترعاها سيدة العمالة والتخريب بالوكالة في منطقة الشرق الأوسط ونجمة الاستفزاز «إيران».

 "الحياة"

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)