د. عبدالله العوضي
يمكن أن نسمي الحرب العادلة والدائرة اليوم عبر التحالف العربي في اليمن، الذي ينتظر بفارغ الصبر ساعة إطلاق سراحه من إسار «الحوثيين» و«الصالحيين» و«الإيرانيين» و«المرتزقة» من شذاذ الآفاق، حرب السلام.
لا بد أن نؤكد على أنه قبل اتفاق الحلفاء على «عاصفة الحزم وإعادة الأمل» بستة أشهر دارت المحاولات الجادة من قبل الحكومة الشرعية والوسطاء الساعين إلى حل النزاعات الدموية بالسياسة الراعية لكافة مصالح الأطراف اليمنية المتنازعة عبر قنوات الحوار التي قبل بها «الحوثيون» وأتباعهم من الأولين والآخرين واللاحقين بركبهم من كل حدب وصوب، وممن يبيعون كل شيء بأرخص الأثمان، حتى لو كان تراب الأوطان.
بعد رحلة الحرب التي دامت قرابة ثمانية أشهر قام الإنقلابيون على شرعية هادي وحكومته المنتخبة وفق المقاييس الديمقراطية المعروفة بهدر هذه الشرعية وسكب دمائها الغالية وبيعها بأرخص قيمة، عاد الحوار من جديد ليبحث عن الحل الأمثل في مؤتمر جنيف اليوم، حتى تخرج النتائج على مستوى شهود وإشهاد العالم كله على ذلك.
هذا المؤتمر الأول ونتمنى أن يكون الأخير حتى لا تذهب اليمن ضحية أخرى من ضحايا «الربيع» الذي لم يطل بعد اخضراره على العالم العربي، فضلاً عن اليمن الذي اغتصبت سعادته وحكمته من قبل أهله القريبين والمقربين.
حتى الساعة، الإشارات المعبرة والقادمة من طرفي المعادلة الحربية مبشرة بقرب الحل السلمي لتجنب الأسوأ، فأي حرب عالمية كانت أو أهلية فهي دائماً الأسوأ بكل المقاييس، لأنها تدمر الإنسان الذي يصعب بناؤه من جديد.
فحديث رئيس الحكومة اليمنية الشرعية قبل أيام واضح في ذلك، وليس فيه أي لبس فهو القائل: «إنه عازم على إنهاء الحرب المستمرة في بلاده منذ 8 أشهر، والتي أودت بحياة 6 آلاف شخص، وأحدثت ضرراً بالغاً في اقتصاد اليمن وبنيتها التحتية». هذا «ومن المتوقع البدء في تنفيذ وقف لإطلاق النار لمدة 7 أيام مع بدء محادثات سلام ترعاها الأمم المتحدة في سويسرا في الـ 15 من الشهر الجاري».
هل يستحق الأمر أن يذهب اليمن ومقدراته ونبراس حضارته التليدة وعبق ماضيه الثري بالإنجازات الجليلة وقوداً لحطب الطائفية والمذهبية المنبوذة من قبل كل محبي هذا البلد الطيب أهله على مدار الزمن الجميل؟ هذا الفكر الضيق والمأفون يجب أن يستأصل من جذور هذه الأرض الحكيمة بالسياسة الرشيدة والكياسة والحوار الجاد بالذات مع الطرف الذي قاد الاعتداء على الشعب بكل طوائفه، إرضاء لشهوة الحكم والتحكم والسيطرة في نفسه المريضة. وكما ثبتنا صراحة الحكومة الشرعية في التركيز على الهدف من هذا المؤتمر المهم في لحظة «عاصفة الحزم واستعادة الأمل» هو العزم على إنهاء هذه الحرب التي طال أمدها في البلاد، نثبت أيضاً إشارة الذين أوقدوا نار الفتنة في اليمن من جماعة «الحوثيين» وكل أذنابهم، حيث أعلن متحدث باسم هذه الجماعة عن أن وقف إطلاق النار سيبدأ في 14 ديسمبر الجاري.
إلى ذلك الحين، فالأعين متجهة نحو «يوم الزينة» في سويسرا التي لطالما حسمت معارك أخرى في تاريخها، والأعصاب مشدودة والأيادي من كلا الطرفين ممدودة بالسلام ونتمنى أن يكون هذا السلام مسك البداية والختام، وإلا كان العزم بالحزم والحسم هذا العلاج الأنجع، اسمه كياً وشبيهاً بالعمليات الجراحية في قلب الأزمات السياسية، فلا بد حينئذ من تدخل المشرط العسكري لقول الفصل وحد الحسام لإلجام تطلعات قوم لا يكادون يفقهون حديثاً.
إن الواقع في اليمن مأزوم من قبل أهله أولاً وزاد الطين بلة عندما تدخلت إيران ومعها «المرتزقة» الأفارقة للانقضاض على البقية الباقية من الحكمة اليمانية، هذا قبل «عاصفة الحزم واستعادة الأمل»، أما اليوم، فالتحالف أخسأهم جميعاً بعد استعادة أكثر من 95 في المئة من حكمة اليمن وسعادته وخاصة بعد استعادة جزيرة حنيش.