أمجد خليفة
عندما تولى اللواء/ جعفر محمد سعد زمام المحافظة وأصبح الرجل الأول لعدن كتبت مقال عنونته (ما رجل إلا برجال) داعياً فيه أبناء عدن الوقوف إلى جانبه ومد يد العون له لمساعدته على إدارة شؤون المحافظة لإصلاح جميع الأمور التي يسعى لتصحيحها، ومنوهاً إلى استبشار الناس وسعادتهم بخصوص تولي رجل عدني تربى وترعرع بين أزقتها وشوارعها فيعلم جيداً رحمة الله عليه تفاصيل الهيكل العدني بامتياز>
حقيقة أذكرها أن الشهيد وبوقت وجيز أستطاع أن يعيد لعدن رونقها وبريقها السابق بالرغم من شحة الإمكانيات وقلة الدعم وعدم توفر المناخ المناسب للعمل المدني الذي يساعد وبشكل كبير على التحرك والإبداع بشكل أفضل، إلا أنه تحدى جميع المعوقات والعراقيل مبحراً بسفينة عدن بعيداً عن هيجان بحر العبثية والتنصل من إراحة أبناءها، فأعاد البسمة على وجوه العدنيين وأسعد قلوبهم ومن معه من مخلصي عدن على العمل المتواصل والدؤوب ومما حققه في فترته القصيرة أنه أستطاع تحسين التيار الكهربائي، وتقوية مشاريع المياه، وتنظيف الشوارع من النفايات والقمامة، واصلاح بيارات المجاري، وتطبيع الحياة بين مؤسسات الدولة وأهمها المدارس والجامعات واتاحة التعلم للجميع، وتوفير سبل العيش للكل وإعادة الروح للخدمات الأساسية، فحقاً لم يخيب ظن عدن به.
تحركات الشهيد سعد، لم تعجب الكثيرين من الحاقدين على عدن، وأولهم رأس الخبث في اليمن المخلوع صالح، حيث لا يريد لنا ولعدن العودة بهذه السرعة، فحرك خيوطه ليجهز على حلم عدن والعدنيين الذين تعلقوا بها، بمجيء سعد على رأس هرم السلطة التنفيذية في عدن بل وقدرته على إعادة شرايين الحياة والنهوض بعدن ونفض غبار الحرب سريعاً.
لم يغتالوا (جعفر) فقط بل اغتالوا (عدن) بفعلتهم الشنعاء، فلقد استيقظت عدن صباح الأحد الماضي الموافق 6/12/2015م بفاجعة اغتيال الرجل الأول لمدينتهم فنزل على قلوب الجميع كالصاعقة بما حصل من غدر واغتيال لابنهم البار بهم وبعدنهم، فكان الناس في حزن شديد ومأساة كبيرة لم تشهدها عدن منذ فترة طويلة بحسرتهم على مسؤول حكومي، وإن دل على شيء فإنما يدل على مدى حب أبناء عدن للمحافظ الشهيد.
فتبين حب الناس وعشقهم له واضحاً وجلياً مرتين عندما تم اختياره محافظاً لعدن، فقد فرحت الناس واستبشرت وباركت تنصيبه ولم يختلف اثنان على ذلك، والمرة الثانية عندما اغتالته أيادِ الغدر والخيانة، فبكته الرجال قبل النساء والأطفال قبل الكبار، والعدد الهائل والجارف الذين شاركوا تشييع جنازته في يوم رأينا جبال عدن وبحارها ومنتزهاتها وطرقها وشوارعها وأرصفتها ومعالمها تأن وتتحسر مع أهل عدن على شهيدها.
فما علينا أن لا نقول إلا ما يرضي ربنا تبارك وتعالى وأمرنا به نبينا عليه الصلاة والسلام: ((إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرنا في مصيبتنا واخلفنا خيراً منها)).