محمد صالح المسفر
أستأذن قادة التحالف العربي في مصارحتهم بما يجري في اليمن، مع تأكيدي بأني لست منتمياً إلى أي حزب أو طائفة أو قبيلة يمنية.
استبشرنا خيراً بعاصفة الحزم، وقلنا إنها بارقة أمل عربي، ستخرجنا من دياجير الهزائم إلى شمس النصر المبين، انطلاقاً من اليمن، النصر على كل البغاة والمعتدين والمتربصين بأمتنا العربية والإسلامية من العراق إلى سورية إلى لبنان إلى اليمن إلى كل مكان. وقفنا في وجه كل من تطاول على عاصفة الحزم وقادتها، نقارعهم الحجة بالحجة، وانتصرنا في إبداء الحقائق لكل آثم شكاك. اقتنع بعضهم بما أبدينا، ووقع آخرون فريسة إعلام الأزمات الذي يزين لهم سوء الأعمال.
(2)
مضت تسعة أشهر، والحرب ما برحت رحاها تدور على صعيد اليمن بين كرّ وفر. صحيح أن القوات الجوية لقوى التحالف العربي استطاعت تدميرمعظم الأسلحة الاستراتيجية لتحالف على عبد الله صالح والحوثي، وحيّدت سماء اليمن من القوة الجوية اليمنية، وحرّرت محافظة عدن وما جاورها من المحافضات الجنوبية، وتكاد تقضي على ما تبقى من جيوب الحلف الثنائي (الصالحي ــ الحوثي) في محافظة مأرب، والجوف على قائمة الإنجاز النهائي. ولكن، بقيت محافظة تعز المحاصرة الصابرة المجاهدة، تنزف الدماء تنتظر الحزم، وأعلنت وسائل الإعلام لقوة التحالف، في الأسبوع الماضي، أن معركة تحرير تعز انطلقت، ولن تقف حتى يتم التحرير الشامل والكامل.
يقود تلك المعارك جيش السلطة اليمنية والقوى الوطنية الشعبية، أي قوى المقاومة الوطنية، تعينهم في ذلك القوة الجوية لدول التحالف العربي. وحتى كتابة هذه السطور، ما برحت المعارك على أشدها. جيوش التحالف قوية بعزمها، ومسلحة خير تسليح، في مواجهة عصابات ومليشيات غير منظمة، يتناقص عتادها يومياً، ويكاد الإنجاز يكون في حدوده الدنيا. تارة تنشر وسائل الإعلام العسكري أن التعثر في إنجاز تحرير محافظة تعز يعود إلى كمية الألغام
"يتضح من الوشايات وانتشار النميمة السياسية اليمنية في عواصم دول التحالف العربي لنصرة اليمن أن الرئيس عبد ربه منصور هادي ليس على وفاق مع كثيرين من أفراد حكومته" المبثوثة عشوائياً في كل اتجاه، والحق أن ذلك ليس مبرراً مقنعاً لأي عاقل. لم تعد إزالة الألغام أو تفجيرها عائقاً في الحروب الحديثة، وهناك طرق ووسائل وآلات متخصصة لإزالة الألغام، اتبعت في حروب أهليةٍ كثيرة، فهل تعذّر على قوات التحالف إنهاء معركة الألغام المبثوثة عشوائياً، والانطلاق نحو تحرير المحافظة المحاصرة؟ يقولون إن بعض اهل تعز متعاونون مع الحلف الثنائي، صالح والحوثي، وأنهم يأوون المنشقين في بيوتهم. ولهذا، تتجنب القوى الوطنية مهاجمة البيوت، خشية وقوع أبرياء مدنيين في المعركة.
(3)
تنبئنا وسائل الإعلام الاجتماعي، وصحافة أخرى محسوبة على بعض دول التحالف، بأخبار لا تسر صديقاً، وتشد من أزر القوى المعادية، مؤداها أن حزب التجمع اليمني للإصلاح يعرقل عملية تحرير تعز. وفي مقابلة تلفزيونية معه، قال وزير الخارجية اليمني، رياض ياسين قولاً منكراً في حق الحزب، ولا يجوز لوزير في السلطة التنفيذية اليمنية أن يتطاول على أي قوة من قوى الثورة والمعارضة وهي في ميدان القتال، ولو كانت هناك خلافات.
تقول مصادر مقربة جداً من الوزير ياسين لصحافة "نت تليغرام" إن اتهامه حزب الإصلاح بالتخاذل في معركة تعز إنما كان دفاعاً عن نفسه، نتيجة نميمة سياسية، تقول إن رئيس الوزراء خالد بحاح أبلغ الجانب الإماراتي في قوى التحالف أن رياض ياسين موال للإصلاح، وهو يطالب بإقالته. ولمعرفتي بسمو أخلاق السيد بحاح ومسؤليته وتجاربه في السياسة الدولية، فإنه لا يقول ذلك القول ضد أحد وزرائه أمام قيادات عالية السمو والمكانة في دول مجلس التعاون، فذلك شأن يمني محض. وقد دفع اتهام رياض ياسين "التجمع اليمني للإصلاح" بالتخاذل في تحرير تعز وزيرالدولة للشؤون الخارجية في الإمارات، أنور قرقاش، إلى القول إن "التاريخ سيوثق تخاذل إصلاح في تحرير تعز". ورئيس الجمهورية الذي لا يستطيع أن يوفق بين نائبه رئيس الوزراء ووزير بالنيابة لا يستحق أن يكون رئيساً. ولا أعتقد أن الوشاية والنميمة السياسية التي تخرج من مجلسه للنيل من أحد مساعديه ترفع مكانته في المجالس، وعند قادة دول التحالف العربي، وإن تطاول بعض الوزراء على بعض الأحزاب السياسية، بدون دليل موثق، وهم في ميدان المعركة من دون مساءلة وتأديب، يحط من مكانة الرئيس عند نظرائه.
(4)
يتضح من الوشايات وانتشار النميمة السياسية اليمنية في عواصم دول التحالف العربي لنصرة اليمن أن الرئيس عبد ربه منصور هادي ليس على وفاق مع كثيرين من أفراد حكومته التي يرأسها خالد بحاح، ولا مع بعض القيادات العسكرية، وإنه يفضل العمل مع أقرب المقربين من العائلة، لأن ذلك يعتبر ضمانة له من الإزاحة في مقبل الأيام. وتتناقل عنه الأقوال، عند التعبير عن غضبه من مساعديه، إن نائب الرئيس فرض عليه، وإن وزير خارجيته فرض عليه، ولو إنه يقبل بالأخير. وفي هذه الحالة، على قادة دول التحالف دور يجب أن يؤدوه، من أجل تحقيق النصر في اليمن، والرأي عندي هو: تشكيل مجلس رئاسي من ستة أعضاء، يمثلون جميع الجهات الجغرافية لليمن. تشكيل مجلس عسكري، يضم كبار الضباط الموالين للحكومة الشرعية، وهمهم وحدة اليمن وأمنه واستقراره. تشكيل مكتب تنسيق يضم أفراداً من مجلس الرئاسة والمجلس العسكري ومن دول التحالف.
في تقدير الكاتب أن هذه المؤسسات تمنع التجاوزات والخلافات بين أركان القيادة السياسية والاستقطابات نحو الانفصال. وأعتقد أن هناك حاجزاً بين قيادات مجلس التعاون والقيادات السياسية اليمنية الفاعلة، الأمر الذي يجعل القول الفصل لجهة واحدة لدى قيادة التحالف، ما يسبب إرباكاً لتلك القيادة في سرعة اتخاذ القرار في أي أمر كان.
آخر القول: لا تسمحوا ولا تسمعوا، يا قادتنا الميامين، للوشايات والشائعات التي تصدر من هذا الفريق أو ذاك، لتحقيق مآرب وأهداف شخصية، تضر بمجهودكم المقدرة والثمينة في اليمن.
محمد صالح المسفر
كاتب وباحث من قطر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة قطر، له عدة بحوث ومقالات وكتب.